Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 98, Ayat: 6-8)

Tafsir: al-Muḥarrar al-waǧīz fī tafsīr al-kitāb al-ʿazīz

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

حكم الله في هذه الآية بتخليد الكافرين من { أهل الكتاب والمشركين } وهم عبدة الأوثان في النار وبأنهم { شر البريّة } ، و { البريّة } جميع الخلق لأن الله تعالى برأهم أو أوجدهم بعد العدم ، وقرأ نافع وابن عامر والأعرج : " البريئة " بالهمز من برأ ، وقرأ الباقون والجمهور : " البريّة " بشد الياء بغير همز على التسهيل ، والقياس الهمز إلا أن هذا مما ترك همزه كالنبي والذرية ، وقرأ بعض النحويين : " البرية " مأخوذ من البراء وهو التراب ، وهذا الاشتقاق يجعل الهمز خطأ وغلطاً وهو اشتقاق غير مرضي ، و { الذين آمنوا وعملوا الصالحات } شروط جميع أمة محمد ، ومن آمن بنبيه من الأمم الماضية ، وقرأ بعض الناس " خير " . وقرأ بعض قراء مكة : " خيار " بالألف ، وروي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ هذه الآية : " أولئك هم خير البريئة " . ثم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه " أنت يا علي وشيعتك من خير البرية " ، ذكره الطبري ، وفي الحديث : أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : " يا خير البرية " ، فقال له : ذلك إبراهيم عليه السلام ، وقوله تعالى : { جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار } فيه حذف مضاف تقديره سكنى { جنات عدن } أو دخول { جنات عدن } ، والعدن الإقامة والدوام ، عدن بالموضع أقام فيه ، ومنه المعدن لأنه رأس ثابت ، وقال ابن مسعود : { جنات عدن } بطنان الجنة أي سوطها ، وقوله : { رضي الله عنهم ورضوا عنه } قيل ذلك في الدنيا ، ورضاه عنهم هو ما أظهره عليهم من أمارات رحمته وغفرانه ، ورضاهم عنه : هو رضاهم بجميع ما قسم لهم من جميع الأرزاق والأقدار . قال بعض الصالحين : رضى العباد عن الله رضاهم بما يرد من أحكامه ، ورضاه عنهم أن يوفقهم للرضى عنه ، وقال أبو بكر بن طاهر : الرضى عن الله خروج الكراهية عن القلب حتى لا يكون إلا فرح وسرور ، وقال السري السقطي : إذا كنت لا ترضى عن الله فكيف تطلب منه الرضا عنك ؟ وقيل ذلك في الآخرة ، فرضاهم عنه رضاهم بما من به عليهم من النعم ، ورضاهم عنه هو ما روي أن الله تعالى يقول لأهل الجنة : هل رضيتم بما أعطيتكم ؟ فيقولون : نعم ربنا وكيف لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من العالمين ، فيقول : أنا أعطيكم أفضل من كل ما أعطيتكم رضواني فلا أسخط عليكم أبداً ، وخص الله بالذكر أهل الخشية لأنها رأس كل بركة الناهية عن المعاصي الآمرة بالمعروف .