Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 40-40)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { حتى إِذا جاء أمرنا } فيه قولان : أحدهما : جاء أمرنا بعذابهم وإِهلاكهم . والثاني : جاء عذابنا و هو الماء ، ابتدأ بجنبات الأرض فدار حولها كالإِكليل ، وجعل المطر ينزل من السماء كأفواه القرب ، فجعلت الوحوش يطلبن وسط الأرض هربا من الماء حتى اجتمعن عند السفينة ، فحينئذ حمل فيها من كل زوجين اثنين . قوله تعالى : { وفار التَنُّورُ } الفور : الغليان ؛ والفوَّارة : ما يفور من القِدْر ، قاله ابن فارس . قال المصنف : وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي عن ابن دريد قال : التنور اسم فارسي معرَّب لا تعرف له العرب اسماً غير هذا ، فلذلك جاء في التنزيل ، لأنهم خوطبوا بما عرفوا . وروي عن ابن عباس أنه قال : التنور ، بكل لسان عربي وعجمي . وفي المراد بهذا التنور ستة أقوال : أحدها : أنه اسم لوجه الأرض ، رواه عكرمة عن علي عليه السلام . وروى الضحاك عن ابن عباس : التنور : وجه الأرض ، قال : قيل له : إِذا رأيت الماءَ قد علا وجهَ الأرض ، فاركب أنت وأصحابك ، وهذا قول عكرمة ، والزهري . والثاني : أنه تنوير الصبح ، رواه أبو جحيفة عن علي رضي الله عنه . وقال ابن قتيبه : التنوير عند الصلاة . والثالث : أنه طلوع الفجر ، روي عن علي أيضا ، قال : « وفار التنور » طلع الفجر . والرابع : أنه طلوع الشمس ، وهو منقول عن علي أيضا . والخامس : أنه تنُّور أهله ، روى العوفي عن ابن عباس قال : إِذا رأيت تنُّور أهلك يخرج منه الماء ، فانه هلاك قومك . وروى أبو صالح عن ابن عباس : أنه تنُّور آدم عليه السلام ، وهبه الله لنوح ، وقيل له : إِذا فار الماء منه ، فاحمل ماأُمرتَ به . وقال الحسن : كان تنوراً من حجارة ، وهذا قول مجاهد ، والفراء ، ومقاتل . والسادس : أنه أعلى الأرض وأشرفها . قال ابن الأنباري : شُبهت أعالي الأرض وأماكنها المرتفعة لعلوها ، بالتنانير . واختلفوا في المكان الذي فار منه التنور على ثلاثة أقوال : أحدها : أنه فار من مسجد الكوفة ، رواه حبة العربي عن علي عليه السلام . وقال زِرُّ بن حُبَيش : فار التنور من زاوية مسجد الكوفة اليمنى . وقال مجاهد : نبع الماء من التنور ، فعلمت به امرأته فأخبرته ، وكان ذلك بناحية الكوفة . وكان الشعبي يحلف بالله ما كان التنور إِلا بناحية الكوفة . والثاني : أنه فار بالهند ، رواه عكرمة عن ابن عباس . والثالث : أنه كان في أقصى دار نوح ، وكانت بالشام في مكان يقال له : عين وردة ، قاله مقاتل . قوله تعالى : { قلنا احمل فيها } أي : في السفينة { من كل زوجين اثنين } . وروى حفص عن عاصم : « من كُلٍّ » بالتنوين . قال أبو علي : والمعنى : من كل شيء ، ومن كل زوج زوجين ، فحذف المضاف . وانتصاب « اثنين » على أنهما صفة لزوجين ، وقد علم أن الزوجين اثنان ، ولكنه توكيد . قال مجاهد : من كل صنف ، ذكراً وأنثى . وقال ابن قتيبة : الزوج يكون واحداً ، ويكون اثنين ، وهو هاهنا واحد ، ومعنى الآية : احمل من كل ذكر وأنثى اثنين . وقال الزجاج : المعنى : احمل زوجين اثنين من كل شىء ، والزوج في كلام العرب يجوز أن يكون معه واحد ، والاثنان يقال لهما : زوجان ، يقال : عندي زوجان من الطير ، إِنما يريد ذكراً وأنثى فقط . وقال ابن الأنباري : إِنما قال « اثنين » فثنَّى الزوج ، لأنه قصد قصْد الذكر والأنثى من الحيوان ، وتقديره : من كل ذكر وأنثى . قوله تعالى : { وأهلك } أي : وأحمل أهلك . قال المفسرون : أراد بأهله : عياله وولده . { إلا من سبق عليه القول } أي : سبق عليه القول من الله بالإِهلاك . قال الضحاك : وهم امرأته وابنه كنعان . قوله تعالى : { ومن آمن } معناه : واحمل من آمن . { وما آمن معه إِلا قليل } وفي عددهم ثمانية أقوال : أحدها : أنهم كانوا ثمانين رجلاً معهم أهلوهم ، رواه عكرمة عن ابن عباس . والثاني : أن نوحاً حمل معه ثمانين إِنساناً ، وبنيه الثلاثة ، وثلاث نسوة لبنيه ، وامرأة نوح ، رواه يوسف بن مهران عن ابن عباس . والثالث : كانوا ثمانين إِنساناً ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . وقال مقاتل كانوا أربعين رجلاً وأربعين امرأة . والرابع : كانوا أربعين ، ذكره ابن جريج عن ابن عباس . والخامس : كانوا ثلاثين رجلاً ، رواه أبو نهيك عن ابن عباس . والسادس : كانوا ثمانية ، قال الحكم بن عتيبة : كان نوح وثلاثة بنيه وأربع كنائنه . قال قتادة : ذُكر لنا أنه لم ينج في السفينة إِلا نوح وامرأته وثلاثة بنين له ، ونساؤهم ، فجماعتهم ثمانية ، وهذا قول القرظي ، وابن جريج . والسابع : كانوا سبعة ، نوح ، وثلاث كنائن له وثلاثة بنين ، قاله الأعمش . والثامن : كانوا عشرة سوى نسائهم ، قاله ابن إِسحاق . وروي عنه أنه قال : الذين نَجَوْا مع نوح بنوه الثلاثة ، ونساؤهم ثلاث ، وستة ممن آمن به .