Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 44-47)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وقيل يا أرض ابلعي ماءك } وقف قوم على ظاهر الآية ، وقالوا : إِنما ابتلعت مانبع منها ، ولم تبتلع ماء السماء ، فصار ذلك بحاراً وأنهاراً ، وهو معنى قول ابن عباس . وذهب آخرون إِلى أن المراد : ابلعي ماءك الذي عليك ، وهو ما نبع من الأرض ونزل من السماء ، وذلك بعد أن غرق ما على وجه الأرض . قوله تعالى : { وياسماء أقلعي } أي : أمسكي عن إِنزال الماء . قال ابن الأنباري : لما تقدم ذكر الماء ، عُلم أن المعنى : أقلعي عن إِنزال الماء . قوله تعالى : { وغيض الماء } أي : نقص . قال الزجاج : يقال : غاض الماء يغيض : إِذا غاب في الأرض . ويجوز إِشمام الضم في الغين . قوله تعالى : { وقضي الأمر } قال ابن عباس : غرق مَنْ غرق ، ونجا مَنْ نجا . وقال مجاهد : قضي الأمر : هلاك قوم نوح . وقال ابن قتيبة : « وقضي الأمر » أي : فرغ منه . قال ابن الأنباري : والمعنى : أُحكمتْ هلكة قوم نوح ، فلما دلت القصة على ما يبيِّن هلكتهم ، أغنى عن نعت الأمر . قوله تعالى : { واستوت } يعني السفينة { على الجوديّ } وهو اسم جبل . وقرأ الأعمش ، وابن أبي عبلة : « على الجودي » بسكون الياء . قال ابن الأنباري : وتشديد الياء في « الجوديّ » لأنها ياء النسبة ، فهي كالياء في علوي ، وهاشمي . وقد خففها بعض القراء . ومن العرب من يخفف ياء النسبة ، فيسكنها في الرفع ، والخفض ، ويفتحها في النصب ، فيقول : قام زيد العلوي ، ورأيت زيداً العلوي . قال ابن عباس : درات السفينة بالبيت أربعين يوماً ، ثم وجهها الله إِلى الجودي فاستقرت عليه . واختلفوا أين هذا الجبل على ثلاثة أقوال : أحدها : أنه بالموصل ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال الضحاك . والثاني : بالجزيرة ، قاله مجاهد ، وقتادة . وقال مقاتل : هو بالجزيرة قريب من الموصل . والثالث : أنه بناحية آمِد ، قاله الزجاج . وفي علة استوائها عليه قولان : أحدهما : أنه لم يغرق ، لأن الجبال تشامخت يومئذ وتطاولت ، وتواضع هو فلم يغرق ، فأرست عليه ، قاله مجاهد . والثاني : أنه لما قلَّ الماء أَرْسَتْ عليه ، فكان استواؤها عليه دلالة على قلة الماء . قوله تعالى : { وقيل بُعْدَاً للقوم الظالمين } قال ابن عباس : بُعداً من رحمة الله للقوم الكافرين . فان قيل : ما ذنب من أُغرق من البهائم والأطفال ؟ فالجواب : أنَّ آجالهم حضرت ، فأُميتوا بالغرق ، قاله الضحاك ، وابن جريج . قوله تعالى : { رب إِنَّ ابني من أهلي } إِنما قال نوح هذا ، لأن الله تعالى وعده نجاة أهله ، فقال : { وإِن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين } قال ابن عباس : أعدل العادلين . وقال ابن زيد : فأنت أحكم الحاكمين بالحق . واختلفوا في هذا الذي سأل فيه نوح على قولين . أحدهما : أنه ابن نوح لصلبه ، قاله ابن عباس ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والضحاك ، والجمهور . والثاني : أنه ولد على فراشه لغير رِشدة ولم يكن ابنه . روى ابن الأنباري باسناده عن الحسن أنه قال : لم يكن ابنَه ، إِن امرأته فجرت . وعن الشعبي قال : لم يكن ابنه ، إِن امرأته خانته ، وعن مجاهد نحو ذلك . وقال ابن جريج : ناداه نوح وهو يحسب أنه ابنه ، وكان وُلد على فراشه . فعلى القول الأول ، يكون في معنى قوله : { إِنه ليس من أهلك } قولان : أحدهما : ليس من أهل دينك . والثاني : ليس من أهلك الذين وعدتك نجاتهم . قال ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط ، وإِنما المعنى : ليس من أهلك الذين وعدتك نجاتهم . وعلى القول الآخر : الكلام على ظاهره ، والأول أصح ، لموافقته ظاهر القرآن ، ولاجتماع الأكثرين عليه ، وهو أولى من رمي زوجة نبي بفاحشة . قوله تعالى : { إِنه عملٌ غيرُ صالح } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة : « إِنه عملٌ » رفع منون « غيرُ صالح » برفع الراء ، وفيه قولان : أحدهما : أنه يرجع إِلى السؤال فيه ، فالمعنى : سؤلك إِياي فيه عمل غير صالح ، قاله ابن عباس ، وقتادة ، وهذا ظاهر ، لأنه قد تقدم السؤال فيه في قوله : « رب إِن ابني من أهلي » فرجعت الكناية إِليه . والثاني : أنه يرجع إِلى المسؤول فيه . وفي هذا المعنى قولان . أحدهما : أنه لغير رِشدة ، قاله الحسن . والثاني : أن المعنى : إِنه ذو عمل غير صالح ، قاله الزجاج . قال ابن الأنباري : من قال : هو لغير رِشدة ، قال : المعنى : إِن أصل أبنك الذي تظن أنه أبنك عملٌ غير صالح . ومن قال : إِنه ذو عمل غير صالح ، قال : حذف المضاف ، وأقام العمل مقامه ، كما تقول العرب : عبد الله إِقبال وإِدبار ، أي : صاحب إِقبال وإِدبار . وقرأ الكسائي : « عَمِلَ » بكسر الميم وفتح اللام « غيرَ صالح » بفتح الراء ، يشير إِلى أنه مشرك . قوله تعالى : { فلا تسألنِ ما ليس لك به علم } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وابن عامر : « فلا تسألنَّ » بفتح اللام ، وتشديد النون ، غير أن نافعاً ، وابن عامر ، كسرا النون ، وفتحها ابن كثير ، وحذفوا الياء في الوصل والوقف . وقرأ عاصم ، وأبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي ، بسكون اللام وتخفيف النون ، غير أن أبا عمرو ، وأبا جعفر ، أثبتا الياء في الوصل ، وحذفاها في الوقف ، ووقف عليها يعقوب بالياء ، والباقون يحذفونها في الحالين . قال أبو علي : من كسر النون ، فقد عدَّى السؤال إِلى مفعولين ، أحدهما : اسم المتكلم ، والآخر : الاسم الموصول ، وحذفت النون المتصلة بياء المتكلم لاجتماع النونات . وأما إِثبات الياء في الوصل فهو الأصل ، وحذفها أخف ، والكسرة تدل عليها ، وتُعلِمُ أن المفعول مراد في المعنى . ثم في معنى الكلام ثلاثة أقوال : أحدها : أنه نسبته إِليه ، وليس منه . والثاني : في إِدخاله إِياه في جملة أهله الذين وعده نجاتهم . والثالث : سؤاله في إِنجاء كافر من العذاب . قوله تعالى : { إِني أعظك أن تكون من الجاهلين } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أن تكون من الجاهلين في سؤالك مَنْ ليس مِنْ حزبك . والثاني : من الجاهلين بوعدي ، لأني وعدت بانجاء المؤمنين . والثالث : من الجاهلين بنسبك ، لأنه ليس من أهلك .