Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 82-83)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { فلما جاء أمرنا } فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أمرُ الله الملائكةَ بعذابهم . والثاني : أن الأمر بمعنى العذاب . والثالث : أنه بمعنى القضاء بعذابهم . قوله تعالى : { جعلنا عاليها سافلها } الكناية تعود إِلى المؤتفكات ، وهي قرى قوم لوط ، وقد ذكرناها في [ براءة : 70 ] ، ونحن نشير إِلى قصة هلاكهم هاهنا . قال ابن عباس : أمر جبريل لوطاً بالخروج ، وقال : اخرج وأخرج غنمك وبقرك ، فقال : كيف لي بذلك وقد أُغلقت أبواب المدينة ؟ فبسط جناحه ، فحمله وبنتيه ومالهم من شيء ، فأخرجهم من المدينة ، وسأل جبريل ربَّه ، فقال : يا رب ولِّني هلاك هؤلاء القوم ، فأوحى الله إِليه أن تولّ هلاكهم ؛ فلما أن بدا الصبح ، غدا عليهم جبريل فاحتملها على جناحه ، ثم صَعِدَ بها حتى خرج الطير في الهواء لا يدري أين يذهب ، ثم كَفَأهَا عليهم ، وسمعوا وَجْبَةً شديدة ، فالتفتت امرأة لوط ، فرماها جبريل بحجر فقتلها ، ثم صَعِدَ حتى أشرف على الأرض ، فجعل يُتْبِعُهمْ مُسافِرَهم وَرعَاتهم ومَنْ تحوَّل عن القرية ، فرماهم بالحجارة حتى قتلهم . وقال السدي : اقتلع جبريل الأرض من سبع أرضين ، فاحتملها حتى بلغ بها إِلى أهل السماء الدنيا ، حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم ، ثم قلبها . وقال غيره : كانت خمس قرى ، أعظمها سَدوم ، وكان القوم أربعة آلاف ألف . وقيل : كان في كل قرية مائة ألف مقاتل ، فلما رفعها إِلى السماء ، لم ينكسر لهم إِناء ولم يسقط حتى قلبها عليهم . وقيل : نجا من الخمس واحدة لم تكن تعمل مثل عملهم . وانفرد سعيد بن جبير ، فقال : إِن جبريل وميكائيل تولَّيا قلبها . قوله تعالى : { وأمطرنا عليها } في هاء الكناية قولان : أحدهما : أنها ترجع إِلى القرى . والثاني : إِلى الأمة . وفي السِّجِل سبعة أقوال : أحدها : أنها بالفارسية سَنْك وكِلْ ، السنك : الحجر ، والكل : الطين ، هذا قول ابن عباس ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير . وقال مجاهد : أولها حجر ، وآخرها طين . وقال الضحاك : يعني الآجرّ . قال ابن قتيبة : من ذهب إِلى هذا القول ، اعتبره بقوله : { حجارة من طين } [ الذاريات 33 ] يعنى الآجر . وحكى الفراء أنه طين قد طبخ حتى صار بمنزلة الأرحاء . والثاني : أنه بحر معلَّق في الهواء بين السماء والأرض ، ومنه نزلت الحجارة ، قاله عكرمة . والثالث : أن السجيل : اسم السماء الدنيا ، فالمعنى : حجارة من السماء الدنيا ، قاله ابن زيد . والرابع : أنه الشديد من الحجارة الصلب ، قاله أبو عبيدة ، وأنشد لابن مقبل : @ وَرَجْلَةً يَضْرِبُونَ البَيْضَ عَنْ عُرُضٍ ضرباً تواصَتْ به الأبطالُ سِجِّينَا @@ وردّ هذا القول ابن قتيبة ، فقال : هذا بالنون ، وذاك باللام ، وإِنما هو في هذا البيت فعيل من سجنت ، أي : حبست ، كأنه يثبت صاحبه . والخامس : أن قوله : « من سجيل » كقولك : من سِجلّ ، أي : مما كُتب لهم أن يعذَّبوا به ، وهذا اختيار الزجاج . والسادس : أنه من أسجلته ، أي : أرسلته ، فكأنها مرسلة عليهم . والسابع : أنه من أسجلت : إِذا أعطيت ، حكى القولين الزجاج . وفي قوله : { منضود } ثلاثة أقوال : أحدها : يتبع بعضه بعضاً ، قاله ابن عباس . والثاني : مصفوف ، قاله عكرمة ، وقتادة . والثالث : نضد بعضه على بعض ، لأنه طين جُمع فجُعل حجارة ، قاله الربيع بن أنس . قوله تعالى : { مسوَّمةً } قال الزجاج : أي معلَّمة ، أُخذ من السُّومة ، وهي العلامة . وفي علامتها ستة أقوال : أحدها : بياض في حمرة ، رواه الضحاك عن ابن عباس ، وبه قال الحسن . والثاني : أنها كانت مختومة ، فالحجر أبيض وفيه نقطة سوداء ، أو أسود وفيه نقطة بيضاء ، رواه العوفي عن ابن عباس . والثالث : أنها المخططة بالسواد والحمرة ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . والرابع : عليها نضح من حمرة فيها خطوط حمر على هيأة الجِزع ، قاله عكرمة ، وقتادة . والخامس : أنها كانت معلَّمة بعلامة يُعرف بها أنها ليست من حجارة الدنيا ، قاله ابن جريج . والسادس : أنه كان على كل حجر منها اسم صاحبه ، قاله الربيع . وحكي عن بعض من رأى تلك الحجارة أنه قال : كانت مثل رأس الإبل ، ومثل مبارك الإِبل ، ومثل قبضة الرجل . وفي قوله تعالى : { عند ربك } أربعة أقوال : أحدها : أن المعنى : جاءت من عند ربك ، قاله ابن عباس ، ومقاتل . والثاني : عند ربك معدَّة ، قاله أبو بكر الهزلي . والثالث : أن المعنى : هذا التسويم لزم هذه الحجارة عند الله إِيذاناً بنفاذ قدرته وشدة عذابه ، قاله ابن الأنباري . والرابع : أن معنى قوله : « عند ربك » في خزائنه التي لا يُتصرَّف في شيء منها إِلا بإذنه . قوله تعالى : { وما هي من الظالمين ببعيد } في المراد بالظالمين هاهنا ثلاثة أقوال : أحدها : أن المراد بالظالمين هاهنا : كفار قريش ، خوَّفهم الله بها ، قاله الأكثرون . والثاني : أنه عام في كل ظالم ؛ قال قتادة : والله ما أجار الله منها ظالماً بعد قوم لوط ، فاتقوا الله وكونوا منه على حذر . والثالث : أنهم قوم لوط ، فالمعنى : وما هي من الظالمين ، أي : من قوم لوط ببعيد ، والمعنى : لم تكن لتُخطئهم ، قاله الفراء .