Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 100-101)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ورفع أبويه على العرش } في « أبويه » قولان قد تقدما في الآية التي قبلها . والعرش هاهنا : سرير المملكة ، أجلس أبويه عليه { وخرّوا له } يعني : أبويه وإِخوته . وفي هاء « له » قولان : أحدهما : أنها ترجع إِلى يوسف ، قاله الجمهور . قال أبو صالح عن ابن عباس : كان سجودهم كهيأة الركوع كما يفعل الأعاجم . وقال الحسن : أمرهم الله بالسجود لتأويل الرؤيا . قال ابن الأنباري : سجدوا له على جهة التحية ، لا على معنى العبادة ، وكان أهل ذلك الدهر يحيِّى بعضهم بعضاً بالسجود والانحناء ، فحظره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فروى أنس بن مالك قال : " قال رجل : يا رسول الله أحدنا يلقى صديقه ، أينحني له ؟ قال : لا " . والثاني : أنها ترجع إِلى الله ، فالمعنى : وخرُّوا لله سجَّداً ، رواه عطاء ، والضحاك عن ابن عباس ، فيكون المعنى : أنهم سجدوا شكراً لله إِذ جمع بينهم وبين يوسف . قوله تعالى : { هذا تأويل رؤياي } أي : تصديق ما رأيت ، وكان قد رآهم في المنام يسجدون له ، فأراه الله ذلك في اليقظة . واختلفوا فيما بين رؤياه وتأويلها على سبعة أقوال : أحدها : أربعون سنة ، قاله سلمان الفارسي ، وعبد الله بن شداد بن الهاد ، ومقاتل . والثاني : اثنتان وعشرون سنة ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثالث : ثمانون سنة ، قاله الحسن ، والفضيل بن عياض . والرابع : ست وثلاثون سنة ، قاله سعيد بن جبير ، وعكرمة ، والسدي . والخامس : خمس وثلاثون سنة ، قاله قتادة . والسادس : سبعون سنة ، قاله عبد الله بن شوذب . والسابع : ثماني عشرة سنة ، قاله ابن إِسحاق . قوله تعالى : { وقد أحسن بي } أي : إِليّ . والبَدْوُ : البَسْطُ من الأرض . وقال ابن عباس : البدو : البادية ، وكانوا أهل عمود وماشية . قوله تعالى : { من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إِخوتي } أي : أفسد بيننا : قال أبو عبيدة : يقال : نزغ بينهم يَنْزَغ ، أي : أفسد وهيَّج ، وبعضهم يكسر زاي ينزِغ . { إِن ربي لطيف لما يشاء } أي : عالم بدقائق الأمور . وقد شرحنا معنى « اللطيف » في [ الأنعام : 102 ] . فان قيل : قد توالت على يوسف نعم خمسة ، فما اقتصاره على ذِكر السجن ، وهلاّ ذكرالجُبَّ ، وهو أصعب ؟ فالجواب من وجوه . أحدها : أنه ترك ذِكر الجُبِّ تكرماً ، لئلا يذكِّر إِخوته صنيعهم ، وقد قال : « لا تثريب عليكم اليوم » . والثاني : أنه خرج من الجُبِّ إِلى الرق ، ومن السجن إِلى الملك ، فكانت هذه النعمة أوفى . والثالث : أن طول لبثه في السجن كان عقوبة له ، بخلاف الجُبِّ ، فشكر الله على عفوه . قال العلماء بالسِّيَر : أقام يعقوب بعد قدومه مصر أربعاً وعشرين سنة . وقال بعضهم : سبع عشرة سنة في أهنأ عيش ، فلما حضرته الوفاة أوصى إِلى يوسف أن يُحمَل إِلى الشام حتى يدفنه عند أبيه إِسحاق ، ففعل به ذلك ، وكان عمره مائة وسبعاً وأربعين سنة ، ثم إِن يوسف تاق إِلى الجنة ، وعلم أن الدنيا لا تدوم فتمنَّى الموت ، قال ابن عباس ، وقتادة : ولم يتمنَّ الموتَ نبيّ قبله ، فقال : { ربِّ قد آتيتني من الملك } يعني : ملك مصر { وعلَّمتني من تأويل الأحاديث } وقد سبق تفسيرها [ يوسف : 6 ] . وفي « مِنْ » قولان : أحدهما : أنها صلة ، قاله مقاتل . والثاني : أنها للتبعيض ، لأنه لم يؤتَ كلَّ الملك ، ولا كلَّ تأويل الأحاديث . قوله تعالى : { فاطر السموات والأرض } قد شرحناه في [ الأنعام : 6 ] . { أنت وليي } أي : الذي تلي أمري . { توفَّني مسلماً } قال ابن عباس : يريد : لا تسلبني الإِسلام حتى تتوفاني عليه . وكان ابن عقيل يقول : لم يتمنَّ يوسف الموت ، وإِنما سأل أن يموت على صفة . والمعنى : توفني إِذا توفيتني مسلماً ، قال الشيخ : وهذا الصحيح . قوله تعالى : { وألحقني بالصالحين } والمعنى : ألحقني بدرجاتهم ، وفيهم قولان : أحدهما : أنهم أهل الجنة ، قاله عكرمة . والثاني : آباؤه إِبراهيم وإِسحاق ويعقوب ، قاله الضحاك : قالوا : فلما احتُضر يوسف ، أوصى إِلى يهوذا ، ومات ، فتشاحَّ الناس في دفنه ، كل يُحبُّ أن يُدفن في محلَّته رجاءَ البركة ، فاجتمعوا على دفنه في النيل ليمر الماء عليه ويصل إِلى الجميع ، فدفنوه في صندوق من رخام ، فكان هنالك إِلى أن حمله موسى حين خرج من مصر ودفنه بأرض كنعان . قال الحسن : مات يوسف وهو ابن مائة وعشرين سنة . وذكر مقاتل أنه مات بعد يعقوب بسنتين .