Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 25-27)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { واستبقا الباب } يعني يوسف والمرأة ، تبادرا إِلى الباب يجتهد كل واحد منهما أن يسبق صاحبه ، وأراد يوسف أن يسبق ليفتح الباب ويخرج ، وأرادت هي إِن سبقت إِمساك الباب لئلا يخرج ، فأدركته فتعلقت بقميصه من خلفه ، فجذبته إِليها ، فقدَّت قميصه من دبر ، أي : قطعته من خلفه ، لأنه كان هو الهارب وهي الطالبة له . قال المفسرون : قطعت قميصه نصفين ، فلما خرجا ، ألفيا سيدها ، أي : صادفا زوجها عند الباب ، فحضرها في ذلك الوقت كيد ، فقالت سابقةً بالقول مبرِّئةً لنفسها من الأمر { ما جزاءُ من أراد بأهلك سوءاً } قال ابن عباس : تريد الزنا { إِلا أن يسجن } أي : ما جزاؤه إِلا السجن { أو عذاب أليم } تعني الضرب بالسياط ، فغضب يوسف حينئذ وقال : { هي راودتني } . وقال وهب ابن منبِّه : قال له العزيز حينئذ : أخنتني يا يوسف في أهلي ، وغدرتَ بي ، وغررتني بما كنت أرى من صلاحك ؟ فقال حينئذ : { هي راودتني عن نفسي } . قوله تعالى : { وشهد شاهد من أهلها } وذلك أنه لما تعارض قولاهما ، احتاجا إِلى شاهد يُعلَم به قول الصادق . وفي ذلك الشاهد ثلاثة أقوال : أحدها : أنه كان صبياً في المهد ، رواه عكرمة عن ابن عباس ، وشهر بن حوشب عن أبي هريرة ، وبه قال سعيد بن جبير ، والضحاك ، وهلال بن يساف في آخرين . والثاني : أنه كان من خاصة الملك ، رواه ابن أبي مليكة عن ابن عباس . وقال أبو صالح عن ابن عباس : كان ابن عم لها ، وكان رجلاً حكيماً ، فقال : قد سمعنا الاشتداد والجلبة من وراء الباب ، فإن كان شقُّ القميص من قدَّامه فأنتِ صادقة وهو كاذب ، وإِن كان من خلفه فهو صادق وأنت كاذبة ، وقال بعضهم : كان ابن خالة المرأة . والثالث : أنه شقُّ القميص ، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد ، وفيه ضعف ، لقوله : « من أهلها » . فإن قيل : كيف وقعت شهادة الشاهد هاهنا معلَّقة بشرط ، والشارط غير عالم بما يشرطه ؟ فعنه جوابان ذكرهما ابن الأنباري : أحدهما : أن الشاهد شاهد بأمر قد علمه ، فكأنه سمع بعض كلام يوسف وأزليخا ، فعلم ، غير أنه أوقع في شهادته شرطاً ليَلزم المخاطبين قبولُ شهادته من جهة العقل والتمييز ، فكأنه قال : هو الصادق عندي ، فإن تدبر تم ما أشترطه لكم ، عقلتم قولي . ومثل هذا قول الحكماء : إِن كان القَدَر حقاً ، فالحرص باطل ، وإِن كان الموت يقيناً ، فالطمأنينة إِلى الدنيا حمق . والجواب الثاني : أن الشاهد لم يقطع بالقول ، ولم يعلم حقيقة ما جرى ، وإِنما قال ما قال على جهة إِظهار ما يسنح له من الرأي ، فكان معنى قوله : « وشهد شاهد » أعلم وبيَّن . فقال : الذي عندي من الرأي أن نقيس القميص ليوقَف على الخائن . فهذان الجوابان يدلان على أن المتكلم رجل . فإن قلنا : إِنه صبي في المهد ، كان دخول الشرط مصحِّحاً لبراءة يوسف ، لأن كلام مثله أعجوبة ومعجزة لا يبقى معها شك .