Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 50-51)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وقال الملك ائتوني به } قال المفسرون : لما رجع الساقي إِلى الملك وأخبره بتأويل رؤياه ، وقع في نفسه صحة ما قال ، فقال : ائتوني بالذي عبّر رؤياي ، فجاءه الرسول ، فقال : أجب الملك ، فأبى أن يخرج حتى تبين براءته مما قُرف به ، فقال : { ارجع إِلى ربك } يعني الملك { فاسأله ما بال النسوة } وقرأ ابن أبي عبلة : « النُّسوة » بضم النون ، والمعنى : فاسأل الملك أن يتعرف ما شأن تلك النسوة وحالهن ليعلم صحة براءتي ، وإِنما أشفق أن يراه الملك بعين مشكوك في أمره أو متّهم بفاحشة ، وأحب أن يراه بعد استقرار براءته عنده . وظاهر قوله : { إِن ربي بكيدكن عليم } أنه يعني الله تعالى ، وحكى ابن جرير الطبري أنه أراد به سيده العزيز ، والمعنى : أنه يعلم براءتي . وقد روي عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه استحسن حزم يوسف وصبره عن التسرع إِلى الخروج ، فقال صلى الله عليه وسلم " إن الكريم بن الكريم بن الكريم [ ابن الكريم ] يوسف بن يعقوب بن إِسحاق بن إِبراهيم ، لو لبثت في السجن ما لبث يوسف ، ثم جاءني الداعي لأجبت " . وفي ذكره للنسوة دون امرأة العزيز أربعة أقوال : أحدها : أنه خلطها بالنسوة ، لحسن عِشرةٍ فيه وأدبٍ ، قاله الزجاج . والثاني : لأنها زوجة ملك ، فصانها . والثالث : لأن النسوة شاهدات عليها له . والرابع : لأن في ذكره لها نوع تهمة ، ذكر الأقوال الثلاثة الماوردي . قال المفسرون : فرجع الرسول إِلى الملك برسالة يوسف ، فدعا الملك النسوة وفيهن امرأة العزيز ، فقال : { ما خطبكن } أي : ما شأنكن وقصتكن { إِذْ راودتُّنَ يوسف } . فإن قيل : إِنما راودته واحدة ، فلم جمعن ؟ فعنه ثلاثة أجوبة : أحدها : أنه جمعهن في السؤال ليُعلم عينُ المراوِدة . والثاني : أن أزليخا راودته على نفسه ، وراوده باقي النسوة على القبول منها . والثالث : أنه جمعهنَّ في الخطاب ، والمعنى لواحدة منهن ، لأنه قد يوقع على النوع وصف الجنس إِذا أُمن من اللبس ، يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم للنساء : " إِنكن أكثر أهل النار " ، فجمعهن في الخطاب والمعنى لبعضهن ، ذكره ابن الأنباري . قوله تعالى : { قلن حاش لله } قال الزجاج : قرأ الحسن بتسكين الشين ، ولا اختلاف بين النحويين أن الإِسكان غير جائز ، لأن الجمع بين ساكنين لا يجوز ، ولا هو من كلام العرب . فأعلم النسوةُ الملكَ براءة يوسف من السوء ، فقالت امرأة العزيز : { الآن حصحص الحق } أي : برز وتبين ، واشتقاقه في اللغة من الحِصَّة ، أي : بانت حصة الحق وجهته من حصة جهة الباطل . وقال ابن القاسم : « حصحص » بمعنى وضح وانكشف ، تقول العرب : حصحص البعير في بروكه : إِذا تمكن ، وأثَّر في الأرض ، وفرَّق الحصى . وللمفسرين في ابتداء أزليخا بالإِقرار قولان : أحدهما : أنها لما رأت النسوة قد برّأنه ، قالت : لم يبق إِلا أن يُقبِلن علي بالتقرير ، فأقرت ، قاله الفراء . والثاني : أنها أظهرت التوبة وحققت صدق يوسف ، قاله الماوردي .