Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 49-49)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ثم يأتي من بعد ذلك عام } إِن قيل : لِمَ أشار إِلى السنين وهي مؤنثة ب « ذلك » ؟ فعنه جوابان ذكرهما ابن القاسم : أحدهما : أن السبع مؤنثه ، ولا علامة للتأنيث في لفظها ، فأشبهت المذكّر ، كقوله : { السماءُ منفطرٌ به } [ المزمل : 18 ] فذكّر منفطراً لمّا لم يكن في السماء علم التأنيث ، قال الشاعر : @ فلا مُزْنةٌ وَدَقَتْ وَدْقَها وَلاَ أَرْضٌ أَبْقَلَ إِبْقَالَهَا @@ فذكرّ « أبقل » لِما وصفنا . والثاني : أن « ذلك » إِشارة إِلى الجدب ، وهذا قول مقاتل ، والأول قول الكلبي . قال قتادة : زاده الله علم عام لم يسألوه عنه . قوله تعالى : { فيه يغاث الناس } فيه قولان : أحدهما : يصيبهم الغيث ، قاله ابن عباس . والثاني : يغاثون بالخصب . ذكره الماوردي . قوله تعالى : { وفيه يعصرون } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وعاصم : « يعصرون » بالياء . وقرأ حمزة ، والكسائي بالتاء ، فوجَّها الخطاب إِلى المستفتين . وفي قوله « يعصرون » خمسة أقوال : أحدها : يعصرون العنب والزيت والثمرات ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال قتادة ، والجمهور . والثاني : « يعصرون » بمعنى يحتلبون ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . وروى ابن الأنباري عن أبيه عن أحمد بن عبيد قال : تفسير « يعصرون » يحتلبون الألبان لِسَعَةِ خيرهم واتِّساع خصبهم ، واحتج بقول الشاعر : @ فما عِصْمةُ الأعْرَابِ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُم طَعَامٌ وَلاَ دَرٌّ مِنَ المَالِ يُعْصَرُ @@ أي : يُحلب . والثالث : ينجون ، وهو من العَصَر ، والعَصَر : النجاء ، والعُصْرة : المنجاة . ويقال : فلان في عُصْرة : إِذا كان في حصن لا يُقدَر عليه ، قال الشاعر : @ صَادِياً يَسْتغيث غَيْرَ مُغَاثٍ وَلَقَدْ كان عُصْرةَ المَنْجُودِ @@ أي : غياثاً للمغلوب المقهور ، وقال عدي : @ لَوْ بِغَيْرِ المَاءِ حَلْقِي شَرِقٌ كُنْتُ كالغصَّانِ بالماءِ اعْتِصَارِي @@ هذا قول أبي عبيده . والرابع : يصيبون ما يحبون ، روي عن أبي عبيدة أيضاً أنه قال : المعتصر : الذي يصيب الشيء ويأخذه ، ومنه هذه الآية . ومنه قول ابن أحمر : @ فإنَّما العَيْشُ بريّانِه وأَنْتَ من أفْنَانِه مُعْتَصَر @@ والخامس : يعطون ويفضِلون لِسَعَةِ عيشهم ، رواه ابن الأنباري عن بعض أهل اللغة . وقرأ سعيد بن جبير : « يُعصَرون » بضم الياء وفتح الصاد . وقال الزجاج : أراد : يُمطرون من قوله : { وأنزلنا من المعصرات ماءً ثجاجاً } [ النبأ : 14 ] .