Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 76-76)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { فبدأ بأوعيتهم } قال المفسرون : انصرف بهم المؤذن إِلى يوسف ، وقال : لا بد من تفتيش أمتعتكم ، { فبدأ } يوسف { بأوعيتهم قبل وعاء أخيه } لإِزالة التهمة ، فلما وصل إِلى وعاء أخيه ، قال : ما أظن هذا أخذ شيئاً ، فقالوا : والله لا نبرح حتى تنظر في رحله ، فهو أطيب لنفسك . فلما فتحوا متاعه وجدوا الصواع ، فذلك قوله : { ثم استخرجها } . وفي هاء الكناية ثلاثة أقوال . أحدها : أنها ترجع إِلى السرقة ، قاله الفراء . والثاني : إِلى السقاية ، قاله الزجاج . والثالث : إِلى الصواع على لغة من أنَّثه ، ذكره ابن الأنباري . قال المفسرون : فأقبلوا على بنيامين ، وقالوا : أي شيء صنعت ؟ ! فضحتنا وأزريت بأبيك الصدِّيق ، فقال : وضع هذا في رحلي الذي وضع الدراهم في رحالكم ، وقد كان يوسف أخبر أخاه بما يريد أن يصنع به . قوله تعالى : { كذلك كدنا ليوسف } فيه أربعة أقوال : أحدها : كذلك صنعنا له ، قاله الضحاك عن ابن عباس . والثاني : احتلنا له ، والكيد : الحيلة ، قاله ابن قتيبة . والثالث : أردنا ليوسف ، ذكره ابن القاسم . والرابع : دبَّرنا له بأن ألهمناه ما فعل بأخيه ليتوصل إِلى حبسه . قال ابن الأنباري : لما دبَّر الله ليوسف ما دبَّر من ارتفاع المنزلة وكمال النعمة على غير ما ظن إِخوتُه ، شُبِّه بالكيد من المخلوقين ، لأنهم يسترون ما يكيدون به عمن يكيدونه . قوله تعالى : { ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك } في المراد بالدين هاهنا قولان : أحدهما : أنه السلطان ، فالمعنى : في سلطان الملك ، رواه العوفي عن ابن عباس . والثاني : أنه القضاء ، فالمعنى : في قضاء الملك ، لأن قضاء الملك ، أن من سرق إِنما يُضرب ويُغرَّم ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . وبيانه أنه لو أجرى أخاه على حكم الملك ما أمكنه حبسه ، لأن حكم الملك الغرم والضرب فحسب ، فأجرى الله على ألسنة إِخوته أن جزاء السارق الاسترقاق ، فكان ذلك مما كاد الله ليوسف لطفاً حتى أظفره بمراده بمشيئة الله ، فذلك معنى قوله : { إِلا أن يشاء الله } . وقيل : إِلا أن يشاء الله إِظهار علَّة يستحق بها أخاه . قوله تعالى : { نرفع درجات من نشاء } وقرأ يعقوب « يرفع درجاتِ من يشاء » بالياء فيهما . وقرأ أهل الكوفة « درجاتٍ » بالتنوين ، والمعنى : نرفع الدرجات بصنوف العطاء ، وأنواع الكرامات ، وابواب العلوم ، وقهر الهوى ، والتوفيق للهدى ، كما رفعنا يوسف . { وفوق كل ذي علم عليم } أي : فوق كل ذي علم رفعه الله بالعلم مَن هو أعلم منه حتى ينتهي العلم إِلى الله تعالى ، والكمال في العلم معدوم من غيره . وفي مقصود هذا الكلام ثلاثة أقوال : أحدها : أن المعنى : يوسف أعلم من إِخوته ، وفوقه من هو أعلم منه . والثاني : أنه نبَّه على تعظيم العِلم ، وبيَّن أنه أكثر من أن يُحاط به . والثالث : أنه تعليم للعالم التواضع لئلا يُعجب .