Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 77-79)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قالوا } يعني : إِخوة يوسف { إِن يسرق } يعنون بنيامين { فقد سرق أخ له من قبل } يعنون يوسف . قال المفسرون : عوقب يوسف ثلاث مرات ، قال للساقي : « اذكرني عند ربك » فلبث في السجن بضع سنين ، وقال للعزيز : « ليعلم أني لم أخنه بالغيب » ، فقال له جبريل : ولا حين هممت ؟ فقال : « وما أُبرىء نفسي » ، وقال لإِخوته : « إِنكم لسارقون » ، فقالوا : « إِن يسرق فقد سرق أخ له من قبل » . وفي ما عنوا بهذه السرقة سبعة أقوال . أحدها : أنه كان يسرق الطعام من مائدة أبيه في سني المجاعة ، فيطعمه للمساكين ، رواه عطاء عن ابن عباس . والثاني : أنه سرق مكحلة لخالته ، رواه أبو مالك عن ابن عباس . والثالث : أنه سرق صنماً لجده أبي أمه ، فكسره وألقاه في الطريق ، فعيَّره إِخوته بذلك ، قاله سعيد بن جبير ، ووهب بن منبه ، وقتادة . والرابع : أن عمة يوسف وكانت أكبر ولد إِسحاق كانت تحضن يوسف وتحبُّه حباً شديداً ، فلما ترعرع ، طلبه يعقوب ، فقالت : ما أقدر أن يغيب عني ، فقال : والله ما أنا بتاركه ، فعمدت إِلى منطقة إِسحاق ، فربطتها على يوسف تحت ثيابه ، ثم قالت : لقد فقدت منطقة إِسحاق ، فانظروا من أخذها ، فوجدوها مع يوسف ، فأخبرت يعقوب ذلك ، وقالت : والله إِنه لي أصنع فيه ما شئت ، فقال : أنت وذاك ، فما قدر عليه يعقوب حتى ماتت ، فذاك الذي عيَّره به إِخوته ، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد . والخامس : أنه جاءه سائل يوماً ، فسرق شيئاً ، فأعطاه السائل ، فعيَّروه بذلك . وفي ذلك الشيء ثلاثة أقوال : أحدها : أنه كان بيضة ، قاله مجاهد . والثاني : أنه شاة ، قاله كعب . والثالث : دجاجة ، قاله سفيان بن عيينة . والسادس : أن بني يعقوب كانوا على طعام ، فنظر يوسف إِلى عَرْق ، فخبأه ، فعيَّروه بذلك ، قاله عطية العوفي ، وإِدريس الأودي . قال ابن الأنباري : وليس في هذه الأفعال كلِّها ما يوجب السرقة ، لكنها تشبه السرقة ، فعيَّره إِخوته بذلك عند الغضب . والسابع : أنهم كذبوا عليه فيما نسبوه إِليه ، قاله الحسن . وقرأ أبو رزين ، وابن أبي عبلة : « فقد سُرِّق » بضم السين وكسر الراء وتشديدها . قوله تعالى : { فأسرَّها يوسف في نفسه } في هاء الكناية ثلاثة أقوال : أحدها : أنها ترجع إِلى الكلمة التي ذُكرت بعد هذا ، وهي قوله : { أنتم شر مكاناً } ، روى هذا المعنى العوفي عن ابن عباس . والثاني : أنها ترجع إِلى الكلمة التي قالوها في حقه ، وهي قولهم : « فقد سرق أخ له من قبل » ، وهذا معنى قول أبي صالح عن ابن عباس ، فعلى هذا يكون المعنى : أسرَّ جواب الكلمة فلم يجبهم عليها . والثالث : أنها ترجع إِلى الحُجة ، المعنى : فأسر الاحتجاج عليهم في ادعائهم عليه السرقة ، ذكره ابن الأنباري . قوله تعالى : { أنتم شرُّ مكانا } فيه قولان : أحدهما : شرٌّ صنيعاً من يوسف لما قدمتم عليه من ظلم أخيكم وعقوق أبيكم ، قاله ابن عباس . والثاني : شرٌّ منزلة عند الله ، ذكره الماوردي . قوله تعالى : { والله أعلم بما تصفون } فيه قولان : أحدهما : تقولون ، قاله مجاهد . والثاني : بما تكذبون ، قاله قتادة . قال الزجاج : المعنى : والله أعلم أسرق أخ له ، أم لا . وذكر بعض المفسرين أنه لما استخرج الصواع من رحل أخيه ، نقر الصواع ، ثم أدناه من أذنه ، فقال : إِنَّ صواعي هذا يخبرني أنكم كنتم اثنى عشر رجلاً ، وأنكم انطلقتم بأخ لكم فبعتموه ، فقال بنيامين : أيها الملك ، سل صواعك عن أخي ، أحيّ هو ؟ فنقره ، ثم قال : هو حي وسوف تراه ، فقال : سل صواعك ، من جعله في رحلي ؟ فنقره ، وقال : إِنَّ صواعي هذا غضبان ، وهو يقول : كيف تسألني عن صاحبي وقد رأيت مع من كنت ؟ فغضب روبيل ، وكان بنو يعقوب إِذا غضبوا لم يطاقوا ، فإِذا مسَّ أحدهم الآخر ذهب غضبه ، فقال : والله أيها الملك لتتركنَّا ، أو لأصيحنَّ صيحةً لا يبقى بمصر امرأة حامل إِلا أَلقتْ ما في بطنها ، فقال يوسف لابنه : قم إِلى جنب روبيل فامسسه ، ففعل الغلام ، فذهب غضبه ، فقال روبيل : ما هذا ؟ ! إِن في هذا البلد من ذرية يعقوب ؟ قال يوسف : ومَن يعقوب ؟ فقال : أيها الملك ، لا تذكر يعقوب ، فانه إِسرائيل الله بن ذبيح الله بن خليل . الله فلمَّا لم يجدوا إِلى خلاص أخيهم سبيلاً ، سألوه أن يأخذ منهم بديلاً به ، فذلك قوله : { يا أيها العزيز إِنَّ له أباً شيخاً كبيراً } أي : في سِنِّه ، وقيل : في قَدره ، { فخذ أحدنا مكانَه } أي : تستعبده بدلاً عنه { إِنَّا نراك من المحسنين } فيه قولان : أحدهما : فيما مضى . والثاني : إِن فعلت . { قال معاذَ الله } قد سبق تفسيره [ يوسف : 33 ] ، والمعنى : أعوذ بالله أن نأخذ بريئاً بسقيم .