Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 94-94)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ولما فصلت العير } أي : خرجت من مصر متوجهة إِلى كنعان . وكان الذي حمل القميص يهوذا . قال السدي : قال يهوذا ليوسف : أنا الذي حملت القميص إِلى يعقوب بدم كذب فأحزنتُه ، وأنا الآن أحمل قميصك لأسرَّه ، فحمله ، قال ابن عباس : فخرج حافياً حاسراً يعدو ، ومعه سبعة أرغفة لم يستوف أكلها . قوله تعالى : { قال لهم أبوهم } يعني يعقوب لمن حضره من أهله وقرابته وولد ولده { إِني لأجد ريح يوسف } . ومعنى أجد : أشم ، قال الشاعر : @ وَلَيْسَ صَرِيْرُ النَّعْشِ مَاتَسْمَعُونَه وَلَكِنَّها أَصْلاَبُ قَوْمٍ تَقَصَّف وَلَيْسَ فَتِيقُ المِسْكِ مَاتَجِدُونَه وَلَكِنَّه ذَاكَ الثَّنَاءُ المُخلَّفُ @@ فان قيل : كيف وجد يعقوب ريحه وهو بمصر ، ولم يجد ريحه من الجب وبعد خروجه منه ، والمسافة هناك أقرب ؟ فعنه جوابان . أحدهما : أن الله تعالى أخفى أمر يوسف على يعقوب في بداية الأمر لتقع البلية التي يتكامل بها الأجر ، وأوجده ريحه من المكان النازح عند تقضِّي البلاء ومجيء الفرج . والثاني : أن هذا القميص كان في قصبة من فضة معلَّقا في عنق يوسف على ما سبق بيانه . فلما نشره فاحت روائح الجنان في الدنيا فاتصلت بيعقوب ، فعلم أن الرائحة من جهة ذلك القميص . قال مجاهد : هبت ريح فضربت القميص ، ففاحت روائح الجنة في الدنيا واتصلت بيعقوب فوجد ريح الجنة ، فعلم أنه ليس في الدنيا من ريح الجنة إِلا ما كان من ذلك القميص ، فمن ثم قال : { إِني لأجد ريح يوسف } . وقيل : إِن ريح الصبا استأذنت ربها في أن تأتي يعقوب بريح يوسف قبل البشير فأذن لها ، فلذلك يستروح كل محزون إِلى ريح الصبا ، ويجد المكروبون لها رَوْحاً ، وهي ريح لينة تأتي من ناحية المشرق ، قال أبو صخر الهذلي : @ إِذا قُلْتُ هَذَا حِينَ أَسْلُو يَهِيْجُني نَسِيْمُ الصَّبا مِنْ حَيْثُ يطَّلِعُ الفَجْرُ @@ قال ابن عباس : وجد ريح قميص يوسف من مسيرة ثمان ليال ثمانين فرسخاً . قوله تعالى : { لولا أن تفنِّدونِ } فيه خمسة أقوال . أحدها : تُجهِّلونِ ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال مقاتل . والثاني : تسفِّهونِ ، رواه عبد الله بن أبي الهذيل عن ابن عباس ، وبه قال عطاء ، وقتادة ، ومجاهد في رواية . وقال في رواية أخرى : لولا أن تقولوا : ذهب عقلك . والثالث : تكذِّبونِ ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال سعيد بن جبير ، والضحاك . والرابع : تهرِّمونِ ، قاله الحسن ، ومجاهد في رواية . قال ابن فارس : الفَنَد : إِنكار العقل من هرم . والخامس : تعجِّزونِ ، قاله ابن قتيبة . وقال أبو عبيدة : تسفِّهون وتعجِّزون وتلومون ، وأنشد : @ يَاصَاحِبَيَّ دَعَا لَوْمِي وَتَفْنِيدِي فَلَيْسَ مَا فَاتَ مِنْ أَمْرٍ بِمَرْدُودِ @@ قال ابن جرير : وأصل التفنيد : الإِفساد ، وأقوال المفسرين تتقارب معانيها ، وسمعت الشيخ أبا محمد إبن الخشاب يقول : قوله : « لولا أن تفنِّدون » فيه إِضمار ، تقديره : لأخبرتكم أنه حيّ .