Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 15-17)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { واستفتحوا } يعني : استنصروا . وقرأ ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وحميد ، وابن مُحَيصن : « واستفتِحوا » بكسر التاء على الأمر . وفي المشار إِليهم قولان : أحدهما : أنهم الرسل ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة . والثاني : أنهم الكفار ، واستفتاحهم : سؤالهم العذاب ، كقولهم : { ربَّنا عجِّل لنا قِطَّنا } [ ص : 16 ] وقولهم : { إِن كان هذا هو الحقَّ من عندك … } الآية [ الأنفال : 32 ] ، هذا قول ابن زيد . قوله تعالى : { وخاب كل جبَّار عنيد } قال ابن السائب : خسر عند الدعاء ، وقال مقاتل : خسر عند نزول العذاب ، وقال أبو سليمان الدمشقي : يئس من الإِجابة . وقد شرحنا معنى الجبَّار والعنيد في [ هود : 59 ] . قوله تعالى : { من ورائه جهنم } فيه قولان : أحدهما : أنه بمعنى القُدَّام ، قال ابن عباس ، يريد : أمامه جهنم . وقال أبو عبيدة : « من ورائه » أي : قُدّامه وأمامه ، يقال : الموت من ورائك ، وأنشد : @ أَتَرْجُو بَنُو مَرْوَان سَمْعي وَطَاعَتِي وَقَوْمي تَمِيمٌ وَالْفَلاَةُ وَرَائِيَا @@ والثاني : أنها بمعنى : « بَعْد » ، قال ابن الأنباري : « من ورائه » أي : من بعد يأسه ، فدلَّ « خاب » على اليأس ، فكنى عنه ، وحملت « وراء » على معنى : « بَعْد » كما قال النابغة : @ حَلَفْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِكَ رِيبَةً وَلَيْسَ وَرَاءَ اللهِ للمرءِ مَذْهَبُ @@ أراد : ليس بَعْد الله مَذهب . قال الزجاج : والوراء يكون بمعنى الخَلْف والقُدَّام ، لأن ما بين يديك وما قُدَّامك إِذا توارى عنك فقد صار وراءك ، قال الشاعر : @ أَلَيْسَ وَرَائَي إِن تَرَاخَتْ مَنِيتَّي لُزُومُ العَصَا تُحنَى عليها الأَصَابِع @@ قال : وليس الوراء من الأضداد كما يقول بعض أهل اللغة . وسئل ثعلب : لم قيل : الوراء للأمام ؟ فقال : الوراء : اسم لما توارى عن عينك ، سواء أكان أمامك أو خلفك . وقال الفراء : إِنما يجوز هذا في المواقيت من الأيام والليالي والدهر ، تقول : وراءك برد شديد ، وبين يديك برد شديد . ولا يجوز أن تقول للرجل وهو بين يديك : هو وراءك ، ولا للرجُل : وراءك : هو بين يديك . قوله تعالى : { ويُسقى من ماءٍ صديد } قال عكرمة ، ومجاهد ، واللغويون : الصديد : القيح والدَّم ، قاله قتادة ، وهو ما يخرج من بين جلد الكافر ولحمه . وقال القرظي : هو غُسالة أهل النار ، وذلك مايسيل من فروج الزناة . وقال ابن قتيبة : المعنى : يُسقى الصديدَ مكانَ الماء ، قال : ويجوز أن يكون على التشبيه ، أي : ما يُسقَى ماءٌ كأنه صديد . قوله تعالى : { يتجرَّعه } والتجرع : تناول المشروب جُرعة جُرعة ، لا في مرة واحدة ، وذلك لشدة كراهته له ، وإنما يُكرهه على شربه . قوله تعالى : { ولا يكاد يُسيغه } قال الزجاج : لا يقدر على ابتلاعه ، تقول : ساغ لي الشيء ، وأسغته . وروى أبو أُمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يُقرَّب إِليه فيكرهه ، فإذا أُدني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه ، فإذا شربه قطَّع أمعاءه حتى يخرج من دبره " . قوله تعالى : { ويأتيه الموت } أي : همُّ الموت وكربه وألمه { من كل مكان } وفيه ثلاثة أقوال : أحدها : من كل شعرة في جسده ، رواه عطاء عن ابن عباس . وقال سفيان الثوري : من كل عِرْق . وقال ابن جريج : تتعلق نفسه عند حنجرته ، فلا تخرج من فيه فتموت ، ولا ترجع إِلى مكانها فتجد راحة . والثاني : من كل جهة ، من فوقه وتحته ، وعن يمينه وشماله ، وخلفه وقُدَّامه ، قاله ابن عباس أيضاً . والثالث : أنها البلايا التي تصيب الكافر في النار ، سماها موتاً ، قاله الأخفش . قوله تعالى : { وما هو بميِّت } أي : موتاً تنقطع معه الحياة . { ومن ورائه } أي : من بعد هذا العذاب . قال ابن السائب : من بعد الصديد { عذاب غليظ } . وقال إِبراهيم التيمي : بعد الخلود في النار . والغليظ : الشديد .