Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 19-20)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { والأرضَ مددناها } أي : بسطناها على وجه الماء { وألقينا فيها رواسي } وهي الجبال الثوابت { وأنبتنا فيها } في المشار إِليها قولان : أحدهما : أنها الأرض ، قاله الأكثرون . والثاني : الجبال ، قاله الفراء . وفي قوله : { ومن كل شيء موزون } قولان : أحدهما : أن الموزون : المعلوم ، رواه العَوفي عن ابن عباس ، وبه قال سعيد ابن جبير ، والضحاك . وقال مجاهد ، وعكرمة في آخرين : الموزون : المقدور . فعلى هذا يكون المعنى : معلومَ القَدْر كأنه قد وُزِن ، لأن أهل الدنيا لمَّا كانوا يعلمون قدر الشيء بوزنه ، أخبر الله تعالى عن هذا أنه معلوم القَدْر عنده بأنه موزون . وقال الزجاج : المعنى : أنه جرى على وَزْنٍ من قَدَر الله تعالى ، لا يجاوز ما قدَّره الله تعالى عليه ، ولا يستطيع خَلْقٌ زيادةً فيه ولا نُقصاناً . والثاني : أنه عنى به الشيء الذي يُوزَن كالذهب ، والفضة ، والرصاص ، والحديد ، والكُحل ، ونحو ذلك ، وهذا المعنى مروي عن الحسن ، وعكرمة ، وابن زيد ، وابن السائب ، واختاره الفراء . قوله تعالى : { وجعلنا لكم فيها معايش } في المشار إِليها قولان : أحدهما : أنها الأرض . والثاني : أنها الأشياء التي أَنبتت . والمعايش جمع معيشة . والمعنى : جعلنا لكم فيها أرزاقاً تعيشون بها . وفي قوله تعالى : { ومن لستم له برازقين } أربعة أقوال : أحدها : أنه الدواب والأنعام ، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد . والثاني : الوحوش ، رواه منصور عن مجاهد . وقال ابن قتيبة : الوحش ، والطير ، والسباع ، وأشباه ذلك مما لا يرزقه ابن آدم . والثالث : العبيد والإِماء ، قاله الفراء . والرابع : العبيد ، والأنعام ، والدواب ، قاله الزجاج . قال الفراء : و « مَنْ » في موضع نصب ، فالمعنى : جعلنا لكم فيها المعايش ، والعبيد ، والإِماء . ويقال : إِنها في موضع خفض ، فالمعنى : جعلنا لكم فيها معايش ولمن لستم له برازقين . وقال الزجاج : المعنى : جعلنا لكم الدواب ، والعبيد ، وكُفيتم مؤونة أرزاقها . فإن قيل : كيف قلتم : إن « مَنْ » هاهنا للوحوش والدواب ، وإِنما تكون لمن يعقل ؟ فالجواب : أنه لما وُصفت الوحوش وغيرها بالمعاش الذي الغالب عليه أن يوصَف به الناسُ ، فيقال : للآدمي معاش ، ولا يقال : للفرس معاش ، جرت مجرى الناس ، كما قال : { يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم } [ النمل 18 ] ، وقال : { رأيتهم لي ساجدين } [ يوسف 4 ] ، وقال : { كلٌّ في فلكٍ يسبَحون } [ الأنبياء : 33 ] ، وإِن قلنا : أُريدَ به العبيد ، والوحوش ، فإنه إِذا اجتمع الناس وغيرهم ، غُلِّب الناس على غيرهم ، لفضيلة العقل والتمييز .