Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 72-77)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لعمرك } فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أن معناه : وحياتك يا محمد ، رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس . والثاني : لَعَيْشُك ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال الأخفش ، وهو يرجع إِلى معنى الأول . والثالث : أن معناه : وحقّك على أمتك ، تقول العرب : لَعَمْرُ الله لا أقوم ، يعنون : وحَق الله ، ذكره ابن الأنباري . قال : وفي العَمْرِ ثلاث لغات . عَمْرٌ وعُمْرٌ و عُمُرٌ ، وهو عند العرب : البقاء . وحكى الزجاج أن الخليل وسيبويه وجميع أهل اللغة قالوا : العَمْرُ والعُمْرُ في معنى واحد ، فإذا استُعمل في القسَم ، فُتح لا غير ، وإِنما آثروا الفتح في القسَم ، لأن الفتح أخف عليهم ، وهم يؤكدون القسَم بـ « لعَمري » و « لعَمّرك » ، فلما كثر استعمالهم إِياه ، لزموا الأخف عليهم ، قال : وقال النحويون : ارتفع « لَعمرُكَ » بالابتداء ، والخبر محذوف ، والمعنى : لعَمْرك قَسَمي ، ولعَمْرك ما أُقسِمُ به ، وحُذف الخبر ، لأن في الكلام دليلاً عليه . المعنى : أُقسِم { إِنهم لفي سكرتهم يعمهون } . وفي المراد بهذه السكرة قولان : أحدهما : أنها بمعنى الضلالة ، قاله قتادة . والثاني : بمعنى الغفلة ، قاله الأعمش . وقد شرحنا معنى العَمَه في سورة [ البقرة : 15 ] . وفي المشار إِليهم بهذا قولان . أحدهما : أنهم قوم لوط ، قاله الأكثرون . والثاني : قوم نبينا صلى الله عليه وسلم ، قاله عطاء . قوله تعالى : { فأخذتهم الصيحة } يعني : صيحة العذاب ، وهي صيحة جبريل عليه السلام . { مُشرقين } قال الزجاج : يقال : أشرقنا ، فنحن مُشرقون : إِذا صادفوا شروق الشمس ، وهو طلوعها ، كما يقال : أصبحنا : إِذا صادفوا الصبح ، يقال : شَرَقت الشمس : إِذا طلعت ، وأشرقت : إِذا أضاءت وصَفَت ، هذا أكثر اللغة . وقد قيل : شَرَقت وأشرقت في معنى واحد ، إِلا أن « مُشرقين » في معنى مصادِفين لطلوع الشمس . قوله تعالى : { فجعلنا عاليها سافلها } قد فسرنا الآية في سورة [ هود : 82 ] . وفي المتوسِّمين أربعة أقوال : أحدها : أنهم المتفرِّسُون ، روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اتقوا فِراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله " ثم قرأ { إِن في ذلك لآيات للمتوسِّمين } قال : المتفرِّسين ، وبهذا قال مجاهد ، وابن قتيبة . قال ابن قتيبة : يقال : توسَّمتُ في فلان الخير ، أي : تبيَّنتُه . وقال الزجاج : المتوسمون ، في اللغة : النُّظَّار المتثبِّتون في نظرهم حتى يعرفوا حقيقة سِمة الشيء ، يقال : توسمت في فلان كذا ، أي : عرفت وسم ذلك فيه . وقال غيره : المتوسم : الناظر في السِّمَة الدالة على الشيء . والثاني : المعتبرون ، قاله قتادة . والثالث : الناظرون ، قاله الضحاك . والرابع : المتفكرون ، قاله ابن زيد ، والفراء . قوله تعالى : { وإِنها } يعني : قرية قوم لوط { لبسبيل مقيم } فيه قولان : أحدهما : لَبِطريق واضح ، رواه نهشل عن الضحاك عن ابن عباس ، وبه قال قتادة ، والزجاج . وقال ابن زيد : لبِطَريق متبيَّن . والثاني : لبهلاك . رواه أبو رَوْق عن الضحاك عن ابن عباس ، والمعنى : إِنها بحال هلاكها لم تُعْمَر حتى الآن ، فالاعتبار بها ممكن ، وهي على طريق قريش إِذا سافروا إِلى الشام .