Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 90-93)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { كما أنزلنا على المقتسمين } في هذه الكاف قولان : أحدهما : أنها متعلِّقة بقوله : { ولقد آتيناك سبعاً من المثاني } . ثم في معنى الكلام قولان : أحدهما : أن المعنى : ولقد آتيناك سبعاً من المثاني ، كما أنزلنا الكتب على المقتسمين ، قاله مقاتل . والثاني : أن المعنى : ولقد شرَّفناك وكرَّمناك بالسبع المثاني ، كما شرَّفناك وأكرمناك بالذي أنزلناه على المقتسمين من العذاب ، والكافُ بمعنى « مِثْلٍ » و « ما » بمعنى « الذي » ذكره ابن الأنباري . والثاني : أنها متعلقة بقوله : { إِني أنا النذير } ، والمعنى : إِني أنا النذير ، أنذرتكم مثلَ الذي أُنزل على المقتسمين من العذاب ، وهذا معنى قول الفراء . فخرج في معنى « أنزلنا » قولان : أحدهما : أنزلنا االكتب ، على قول مقاتل . والثاني : العذابَ ، على قول الفراء . وفي « المقتسمين » ثلاثة أقوال : أحدها : أنهم اليهود والنصارى ، رواه العَوفي عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، ومجاهد . فعلى هذا ، في تسميتهم بالمقتسمين ثلاثة أقوال . أحدها : أنهم آمنوا ببعض القرآن ، وكفروا ببعضه ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس . والثاني : أنهم اقتسموا القرآن ، فقال بعضهم : هذه السورة لي ، وقال آخر : هذه السورة لي ، استهزاءً به ، قاله عكرمة . والثالث : أنهم اقتسموا كتبهم ، فآمن بعضهم ببعضها وكفر ببعضها ، وآمن آخرون بما كفر به غيرهم ، قاله مجاهد . والثاني : أنهم مشركو قريش ، قاله قتادة ، وابن السائب . فعلى هذا ، في تسميتهم بالمقتسمين قولان . أحدهما : أن أقوالهم تقسَّمت في القرآن ، فقال بعضهم : إِنه سحر ، وزعم بعضهم أنه كهانة ، وزعم بعضهم أنه أساطير الأولين ، منهم الأسود بن عبد يغوث ، والوليد بن المغيرة ، وعدي بن قيس السهمي ، والعاص ابن وائل ، قاله قتادة . والثاني : أنهم اقتسموا على عِقاب مكة ، قال ابن السائب : هم رهط من أهل مكة اقتسموا على عِقاب مكة حين حضر الموسم ، قال لهم الوليد ابن المغيرة : انطلقوا فتفرَّقوا على عِقاب مكة حيث يمرُّ بكم أهل الموسم ، فاذا سألوكم عنه ، يعني : رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، فليقل بعضكم : كاهن ، وبعضكم : ساحر ، وبعضكم : شاعر ، وبعضكم : غاوٍ ، فإذا انتهَوْا إِلَّي صدَّقتُكم ، ومنهم حنظلة ابن أبي سفيان ، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة ، والوليد بن المغيرة ، وأبو جهل ، والعاص ابن هشام ، وابو قيس بن الوليد ، وقيس بن الفاكه ، وزهير بن أبي أمية ، وهلال ابن عبد الأسود ، والسائب بن صيفي ، والنضر بن الحارث ، وأبو البَخْتري بن هشام ، وزمعة بن الحجاج ، وأُمية بن خلف ، وأوس بن المغيرة . والثالث : أنهم قوم صالح الذين تقاسموا بالله : { لنُبيِّتَنَّه وأهلَه } [ النمل 49 ] ، فكفاه الله شرهم ، قاله عبد الرحمن بن زيد . فعلى هذا ، هو من القَسَم ، لا من القِسمة . قوله تعالى : { الذين جعلوا القرآن عِضين } في المراد بالقرآن قولان : أحدهما : أنه كتابنا ، وهو الأظهر ، وعليه الجمهور . والثاني : أن المراد به : كتب المتقدمين قبلنا . وفي « عضين » قولان : أحدهما : أنه مأخوذ من الأعضاء . قال الكسائي ، وأبو عبيدة : اقتسموا بالقرآن وجعلوه أعضاءً . ثم في ما فعلوا فيه قولان . أحدهما : أنهم عضَّوه أعضاءً ، فآمنوا ببعضه ، وكفروا ببعضه . والمعضي : المفرِّق . والتعضية : تجزئة الذبيحة أعضاءً . قال علي عليه السلام : لا تَعْضِيَةَ في ميراث ، أراد : تفريق ما يوجب تفريقه ضرراً على الورثة كالسيف ونحوه . وقال رؤبة : @ وليسَ دَيْنُ الله بالمُعَضَّى @@ وهذا المعنى في رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس . والثاني : أنهم عضَّوْا القول فيه ، أي : فرَّقوا ، فقالوا : شعر ، وقالوا : سحر ، وقالوا : كهانة ، وقالوا : أساطير الأولين ، وهذا المعنى في رواية ابن جريج عن مجاهد ، وبه قال قتادة ، وابن زيد . والثاني : أنه مأخوذ من العَضَهِ ، والعَضَهُ ، بلسان قريش : السِّحر ، ويقولون للساحرة : عاضهة ، وفي الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن العاضهة والمستعضهة ، فيكون المعنى : جعلوه سِحراً ، وهذا المعنى في رواية عكرمة عن ابن عباس ، وبه قال عكرمة ، والفراء . قوله تعالى : { فوربك لنسألنَّهم أجميعن عما كانوا يعملون } هذا سؤال توبيخ ، يُسأَلون عما عملوا في ما أُمروا به من التوحيد والإِيمان ، فيقال لهم : لم عصيتهم وتركتم الإِيمان ؟ فتظهر فضيحتهم عند تعذّر الجواب . قال أبو العالية : يُسأَل العبادُ كلُّهم يوم القيامة عن خَلَّتين : عما كانوا يعبدون ، وعما أجابوا المرسَلين . فإن قيل : كيف الجمع بين هذه الآية ، وبين قوله : { فيومئذ لا يُسأَل عن ذنبه إِنس ولا جانّ } [ الرحمن : 39 ] فعنه جوابان : أحدهما : أنه لا يسألهم : هل عملتم كذا ؟ لأنه أعلم ، وإِنما يقول : لم عملتم كذا ؟ رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . والثاني : أنهم يُسأَلون في بعض مواطن القيامة ، ولا يُسأَلون في بعضها ، رواه عكرمة عن ابن عباس .