Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 112-112)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة } في هذه القرية قولان : أحدهما : أنها مكة ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والجمهور ، وهو الصحيح . والثاني : أنها قرية أوسع الله على أهلها حتى كانوا يستنجون بالخبز ، فبعث الله عليهم الجوع حتى كانوا يأكلون ما يقعدون ، قاله الحسن . فأما ما يروى عن حفصة أنها قالت : هي المدينة ، فذلك على سبيل التمثيل ، لا على وجه التفسير ، وبيانه : ما روى سليم بن عنز ، قال : صدرنا من الحج مع حفصة ، وعثمان محصور بالمدينة ، فرأت راكبَين فسألْنهما عنه ، فقالا : قُتِل ، فقالت : والذي نفسي بيده إِنها للْقرية ، تعني المدنية التي قال الله تعالى في كتابه : { و ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة } ، تعني حفصة : أنها كانت على قانون الاستقامة في أيام النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، { فكفرت بأنعم الله } عند قتل عثمان رضي الله عنه . ومعنى { كانت آمنة } أي : ذات أمْنٍ يأمن فيها أهلها أن يُغَارَ عليهم ، { مطمئنة } أي : ساكنة بأهلها لا يحتاجون إِلى الانتقال عنها لخوف أو ضيق . وقد شرحنا معنى الرغد في [ البقرة : 35 ، 58 ] . وقوله : { من كل مكان } أي : يجلَب إِليها من كل بلد ، وذلك كلُّه بدعوة إِبراهيم عليه السلام ، { فكفرت بأنعم الله } بتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفي واحد الأنعم قولان : أحدهما : أن واحدها « نُعْمٌ » قاله أبو عبيدة ، وابن قتيبة . والثاني : « نِعْمة » قاله الزجاج . قال ابن قتيبة : ليس قول من قال : هو جمع « نعمة » بشيء ، لأن « فِعْلَةَ » لا تجمع على « أفْعُلٍ » ، وإِنما هو جمع « نُعْمٍ » يقال : يوم نُعْمٌ ، ويوم بُؤْسٌ ، ويجمع « أَنْعُماً » ، و « أَبْؤُساً » . قوله تعالى : { فأذاقها الله لباس الجوع والخوف } وروى عبيد بن عقيل ، وعبد الوارث عن أبي عمرو : « والخوفَ » بنصب الفاء . وأصل الذَّوق إِنما هو بالفم ، وهذا استعارة منه ، وقد شرحنا هذا المعنى في [ آل عمران : 106 ، 185 ] . وإِنما ذكر اللباس هاهنا تجوُّزاً ، لما يظهر عليهم من أثر الجوع والخوف ، فهو كقوله : { ولباس التقوى } [ الأعراف 26 ] وذلك لما يظهر على المتَّقي من أثر التقوى . قال المفسرون : عذَّبهم الله بالجوع سبع سنين حتى أكلوا الجيف والعظام المحترقة . فأما الخوف ، فهو خوفهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سراياه التي كان يبعثها حولهم . والكلام وفي هذه الآية خرج على القرية ، والمراد أهلها ، ولذلك قال : { بما كانوا يصنعون } يعني به : بتكذيبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإِخراجهم إِياه وما همُّوا به من قتله .