Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 1-3)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أتى أمر الله } قرأ حمزة ، والكسائي بالإِمالة . سبب نزولها : أنه لما نزل قوله تعالى : { اقتربت الساعة } [ القمر : 1 ] ، فقال الكفار بعضهم لبعض : إن هذا يزعم أنَّ القيامة قد اقتربت ، فأمْسِكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر ، فلما رأوا أنَّه لا ينزل شيء ؛ قالوا : ما نرى شيئاً ! فأنزل الله تعالى { اقترب للناس حسابهم } [ الأنبياء : 1 ] فأشفقوا ، وانتظروا قرب الساعة ، فلما امتدَّت الأيام قالوا : يا محمد ما نرى شيئاً مما تخوِّفنا به . فأنزل الله تعالى : { أتى أمر الله } ، فوثب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورفع الناسُ رؤوسهم ، فنزل : { فلا تستعجلوه } فاطمأنوا ، قاله ابن عباس . وفي قوله : { أتى } ثلاثة أقوال : أحدها : أتى بمعنى : يأتي ، كما يقال : أتاك الخير فأبشر ، أي : سيأتيك ، قاله ابن قتيبة ، وشاهدُه : { ونادى أصحاب الجنة } [ الأعراف 44 ] ، { وإِذ قال الله يا عيسى } [ المائدة 116 ] ونحو ذلك . والثاني : أتى بمعنى : قَرُب ، قال الزجاج : أعلم الله تعالى أن ذلك في قربه بمنزلة ما قد أتى . والثالث : أن « أتى » للماضي ، والمعنى : أتى بعض عذاب الله ، وهو : الجدب الذي نزل بهم ، والجوع . { فلا تستعجلوه } فينزل بكم مستقبلاً كما نزل ماضياً ، قاله ابن الأنباري . وفي المراد ب « أمر الله » خمسة أقوال : أحدها : أنها الساعة ، وقد يخرج على قول ابن عباس الذي قدمناه ، وبه قال ابن قتيبة . والثاني : خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رواه الضحاك عن ابن عباس ، يعني : أن خروجه من أمارات الساعة . وقال ابن الأنباري : أتى أمر الله من أشراط الساعة ، فلا تستعجلوا قيام الساعة . والثالث : أنه الأحكام والفرائض ، قاله الضحاك . والرابع : عذاب الله ، ذكره ابن الأنباري . والخامس : وعيد المشركين ، ذكره الماوردي . قوله تعالى : { فلا تستعجلوه } أي : لا تطلبوه قبل حينه ، { سبحانه } أي : تنزيه له وبراءة من السوء عما يشركون به من الأصنام . قوله تعالى : { ينزل الملائكة } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : { يُنْزِل } بإسكان النون وتخفيف الزاي . وقرأ نافع ، وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي : { ينزِّل } بالتشديد ، وروى الكسائي عن أبي بكر عن عاصم : { تُنزَّل } بالتاء مضمومة ، وفتح الزاي مشددة . { الملائكةُ } رفع . قال ابن عباس : يريد بالملائكة جبريل عليه السلام وحده . وفي المراد بالروح ستة أقوال . أحدها : الوحي ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . والثاني : أنه النبوَّة ، رواه عكرمة عن ابن عباس . والثالث : أن المعنى : تنزل الملائكة بأمره ، رواه العوفي عن ابن عباس . فعلى هذا يكون المعنى : أن أمر الله كلَّه روح . قال الزجاج : الروح ما كان فيه من أمر الله حياة النفوس بالإِرشاد . والرابع : أنه الرحمة . قاله الحسن ، وقتادة . والخامس : أن أرواح الخلق : لا ينزل ملك إِلا ومعه روح ، قاله مجاهد . والسادس : أنه القرآن ، قاله ابن زيد . فعلى هذا سماه روحاً ، لأن الدين يحيا به ، كما أن الروح تُحيي البدن . وقال بعضهم : الباء في قوله : { بالروح } بمعنى : مع ، فالتقدير : مع الروح ، { من أمره } أي : بأمره { على من يشاء من عباده } يعني : الأنبياء ، { أن أنذروا } قال الزجاج : والمعنى : أَنذِروا أهل الكفر والمعاصي { أنه لا إِله إِلا أنا } أي : مُروهم بتوحيدي ، وقال غيره : أًنذروا بأنه لا إِله إِلا أنا ، أي : مروهم بالتوحيد مع تخويفهم إِن لم يُقِرُّوا .