Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 35-37)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وقال الذين أشركوا } يعني : كفار مكة { لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء } يعني : الأصنام أي لو شاء ما أشركنا ولا حرَّمنا من دونه من شيء من البَحِيرَة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحَامِ ، والحرث ، وذلك أنه لما نزل { وماتشاؤون إِلاّ أن يشاء الله } [ الدهر : 30 ] قالوا هذا ، على سبيل الاستهزاء ، لا على سبيل الاعتقاد ، وقيل : معنى كلامهم : لو لم يأمرنا بهذا ويُرِدْهُ منّا ، لم نأته . قوله تعالى : { كذلك فعل الذين من قبلهم } أي : من تكذيب الرسل وتحريم ما أحل الله ، { فهل على الرسل إِلاَّ البلاغ المبين } يعني : ليس عليهم إِلاّ التبليغ ، فأما الهداية ، فهي إِلى الله تعالى ، وبيَّن ذلك بقوله : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً } أي : كما بعثناك في هؤلاء { أَنِ اعبدوا الله } أي : وحِّدوه { واجتنبوا الطاغوت } وهو الشيطان { فمنهم مَنْ هدى الله } أي : أرشده { ومنهم مَنْ حقت عليه الضلالة } أي : وجبت في سابق علم الله ، فأعلم الله عز وجلّ أنه إِنما بعث الرسل بالأمر بالعبادة ، وهو من وراء الإِضلال والهداية ، { فسيروا في الأرض } أي : معتبرين بآثار الأمم المكذبة . ثم أكد أن من حقت عليه الضلالة لا يهتدي ، فقال : { إِن تحرص على هداهم } أي : [ إِن ] تطلب هداهم بجهدك { فإن الله لا يهدي من يضل } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، ونافع ، وابن عامر ، « لا يُهدَى » برفع الياء وفتح الدال ، والمعنى : من أضله ، فلا هادي له ، وقرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائي : « يَهْدِي » بفتح الياء وكسر الدال ، ولم يختلفوا في { يُضِل } أنها بضم الياء وكسر الضاد ، وهذه القراءة تحتمل معنيين ، ذكرهما ابن الأنباري . أحدهما : لا يهدي من طَبَعَهُ ضَالاًّ ، وخَلَقَهُ شقيّاً . والثاني : لا يهدي أي : لا يهتدي من أضله ، أي : مَنْ أضله الله لا يهتدي ، فيكون معنى يهدي : يهتدي ، تقول العرب : قد هُدِيَ فلانٌ الطريق ، يريدون : اهتدى .