Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 38-42)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم } سبب نزولها أن رجلا من المسلمين كان له على رجل من المشركين دَين ، فأتاه يتقاضاه ، فكان فيما تكلَّم به : والذي أرجوه بعد الموت ، فقال المشرك : وإِنك لتزعم أنك تبعث بعد الموت ؟ ! فأقسم بالله { لا يبعث الله من يموت } ، فنزلت هذه الآية ، قاله أبو العالية . و { جهدَ أيمانهم } مفسر في [ المائدة : 53 ] . وقوله : { بلى } رَدٌّ عليهم ، قال الفراء : والمعنى : { بلى } ليبعثنَّهم { وعداً عليه حقاً } . قوله تعالى : { لِيبيِّن لهم الذي يختلفون فيه } قال الزجاج : يجوز أن يكون متعلقاً بالبعث ، فيكون المعنى : بلى يَبعثهم فيبين لهم ، ويجوز أن يكون متعلقاً بقوله تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولاً } ليُبيِّنَ لهم . وللمفسرين في قوله { ليبين لهم } قولان : أحدهما : أنهم جميع الناس ، قاله قتادة . والثاني : أنهم المشركون ، يبين لهم بالبعث ما خالفوا المؤمنين فيه . قوله تعالى : { أنهم كانوا كاذبين } أي : فيما أقسموا عليه من نفي البعث . ثم أخبر بقدرته على البعث بقوله : { إِنما قولنا لشيء إِذا أردناه أن نقول له كن فيكون } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وحمزة « فيكونُ » رفعاً ، وكذلك في كل القرآن . وقرأ ابن عامر ، والكسائي « فيكونَ » نصباً . قال مكي بن إِبراهيم : من رفع ، قطعه عمَّا قبله ، والمعنى : فهو يكون ، ومن نصب ، عطفه على « يقول » ، وهذا مثل قوله : { وإِذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون } ، وقد فسرناه في [ البقرة : 117 ] . فإن قيل : كيف سمي الشيء قبل وجوده شيئاً ؟ . فالجواب : أن الشيء وقع على المعلوم عند الله قبل الخلق ، لأنه بمنزلة ما قد عُوِينَ وشَوهِدَ . قوله تعالى : { والذين هاجروا في الله } اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال : أحدها : أنها نزلت في ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بلالٍ ، وعمار ، وصهيب ، وخبَّاب بن الأرتِّ ، وعايش وجبر مَولَيان لقريش ، أخذهم أهل مكة فجعلوا يُعذِّبونهم ، ليردُّوهم عن الإِسلام ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : أنها نزلت في أبي جندل بن سهيل بن عمرو ، قاله داود بن أبي هند . والثالث : أنهم جميع المهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاله قتادة . ومعنى « هاجروا في الله » أي : في طلب رضاه وثوابه { من بعد ما ظُلموا } بما نال المشركون منهم ، { لَنُبَوِّئَنَّهُمْ في الدنيا حسنة } وفيها خمسة أقوال : أحدها : لننزِلنَّهم المدينة ، روى هذا المعنى أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، والشعبي ، وقتادة ، فيكون المعنى : لَنُبَوِّئنَّهم داراً حسنة وبلدة حسنة . والثاني : لنرزقنَّهم في الدنيا الرزق الحسن ، قاله مجاهد . والثالث : النصر على العدوِّ ، قاله الضحاك . والرابع : أنه ما بقي بعدهم من الثناء الحسن ، وصار لأولادهم من الشرف ، ذكره الماوردي ، وقد روي معناه عن مجاهد ، فروى عنه ابن أبي نجيح أنه قال : { لنبوِّئنهم في الدنيا حسنة } قال : لسان صادق . والخامس : أن المعنى : لنحسِنَنَّ إِليهم في الدنيا ، قال بعض أهل المعاني : فتكون على هذه الأقوال « لنبوّئنهم » ، على سبيل الاستعارة ، إِلا على القول الأول . قوله تعالى : { ولأجر الآخرة أكبر } قال ابن عباس : يعني : الجنة ، { لو كانوا يعلمون } يعني : أهل مكة . ونقل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أنه كان إِذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاءه ، قال : خذ بارك الله لك فيه ، هذا ما وعدك الله في الدنيا ، وما ذخر لك في الآخرة أفضل ، ثم يتلو هذه الآية . ثم إِن الله أثنى عليهم ومدحهم بالصبر فقال : { الذين صبروا } أي : على دينهم ، لم يتركوه لأِذَى نالهم ، وهم في ذلك واثقون بربهم .