Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 65-67)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { والله أنزل من السماء ماءً } يعني : المطر { فأحيا به الأرض بعد موتها } أي : بعد يُبْسها { إِن في ذلك لآية لقوم يسمعون } أي : يعتبرون . قوله تعالى : { وإِنَّ لكم في الأنعام لعبرةً نُسقيكم } قرأ أبو عمرو ، وابن كثير ، وحمزة ، والكسائي : « نُسقيكم » بضم النون ، ومثله في [ المؤمنين : 21 ] . وقرأ نافع ، وابن عامر ، وأبوبكر عن عاصم : « نَسقيكم » بفتح النون فيهما . وقرأ أبو جعفر : « تَسْقِيكم » بتاء مفتوحة ، وكذلك في [ المؤمنين : 21 ] ، وقد سبق بيان الأنعام . وذكرنا معنى « العبرة » في [ آل عمران : 13 ] ، والفرق بين « سقى » و « أسقى » في [ الحجر : 22 ] . فأما قوله : { مما في بطونه } فقال الفراء : النَّعَم والأنعام شيء واحد ، وهما جمعان ، فرجع التذكير إِلى معنى « النَّعَم » إِذ كان يؤدي عن الأنعام ، أنشدني بعضهم . @ وَطَابَ ألْبَانُ اللِّقَاحِ وَبَرَدْ @@ فرجع إِلى اللبن ، لأن اللبن والألبان في معنى ؛ قال : وقال الكسائي : أراد : نسقيكم مما في البطون ما ذكرنا ، وهو صواب ، أنشدني بعضهم : @ مِثْلَ الفِراخِ نُتِفَتْ حَوَاصِلُه @@ وقال المبرِّد : هذا فاشٍ في القرآن ، كقوله للشمس : { هذا ربي } [ الأنعام : 78 ] يعني : هذا الشيء الطالع ؛ وكذلك { وإِني مرسلة إِليهم بهديَّة } ثم قال : { فلما جاء سليمانَ } [ النمل : 35 ، 36 ] ولم يقل : « جاءت » لأن المعنى : جاء الشيء الذي ذكرنا ، وقال أبو عبيدة : الهاء في « بطونه » للبعض ، والمعنى : نُسقيكم مما في بطون البعض الذي له لبن ، لأنه ليس لكل الأنعام لبن ، وقال ابن قتيبة : ذهب بقوله : { مما في بطونه } إِلى النَّعَم ، والنَّعَم تذكَّر وتؤنَّث ، والفَرْث : ما في الكرش ، والمعنى : أن اللبن كان طعاماً ، فخلص من ذلك الطعام دم ، وبقي منه فرث في الكرش ، وخلص من ذلك الدم { لبناً خالصاً سائغاً للشاربين } أي : سهلاً في الشرب لا يشجى به شاربه ، ولا يَغصّ . وقال بعضهم : سائغاً ، أي : لا تعافه النفس وإِن كان قد خرج من بين فرث ودم . وروى أبو صالح عن ابن عباس قال : إِذا استقر العَلَف في الكَرش ، طحنه ، فصار أسفله فرثاً ، وأعلاه دماً ، وأوسطه لَبَنَاً ، والكبد مسلَّطة على هذه الأصناف الثلاثة ، فيجري الدم في العروق ، واللبن في الضَّرع ، ويبقى الفرث في الكرش . قوله تعالى : { ومِن ثمرات النخيل والأعناب } تقدير الكلام : ولكم من ثمرات النخيل والأعناب ما تتخذون منه سَكَرا . والعرب تضمر { ما } كقوله : { وإِذا رأيت ثَمَّ } [ الإنسان : 20 ] أي : ما ثَمَّ . والكناية في « منه » عائدة على « ما » المضمرة . وقال الأخفش : إِنما لم يقل : منهما ، لأنه أضمر الشيء ، كأنه قال : ومنها شيء تتخذون منه سَكَراً . وفي المراد بالسَّكر ثلاثة أقوال : أحدها : أنه الخمر ، قاله ابن مسعود ، وابن عمر ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وإبراهيم ابن أبي ليلى ، والزجاج ، وابن قتيبة ، وروى عمرو بن سفيان عن ابن عباس قال : السَّكَرُ : ما حرِّم من ثمرتها ، وقال هؤلاء المفسرون : وهذه الآية نزلت إِذْ كانت الخمرة مباحة ، ثم نسخ [ ذلك ] بقوله : { فاجتنبوه } [ المائدة : 90 ] وممن ذكر أنها منسوخة ، سعيد بن جبير ، ومجاهد ، والشعبي ، والنخعي . والثاني : أن السَّكَر : الخَلّ ، بلغة الحبشة ، رواه العَوفي عن ابن عباس . وقال الضحاك : هو الخل ، بلغة اليمن . والثالث : أن « السَّكَر » الطُّعْم ، يقال : هذا له سَكَر ، أي : طُعْم ، وأنشدوا : @ جَعَلْتَ عَيْبَ الأَكْرَمِيْن سَكَرا @@ قاله أبو عبيدة : فعلى هذين القولين ، الآية محكمة . فأما الرزق الحسن ، فهو ما أُحِلَّ منهما ، كالتمر ، والعنب ، والزبيب ، والخل ، ونحو ذلك .