Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 68-69)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وأوحى ربك إِلى النحل } في هذا الوحي قولان : أحدهما : أنه إِلهام ، رواه الضحاك عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، والضحاك ، ومقاتل . والثاني : أنه أمر ، رواه العوفي عن ابن عباس . وروى ابن مجاهد عن أبيه قال : أَرسل إِليها . والنحل : زنابير العسل ، واحدتها نحلة . و « يَعرِشون » يجعلونه عريشاً . وقرأ ابن عامر ، وأبو بكر عن عاصم « يَعْرُشُون » بضم الراء ، وهما لغتان ، يقال : « يعرِش » و { يعرُش } مثل { يعكِف } { ويعكُف } . ثم فيه قولان : أحدهما : ما يعرشون من الكروم ، قاله ابن زيد . والثاني : أنها سقوف البيوت ، قاله الفراء . وقال ابن قتيبة : كل شيء عُرِش ، من كرم ، أو نبات ، أو سقف ، فهو عَرْش ، ومعروش . وقيل : المراد ب { مما يعرشون } : مما يبنون لهم من الأماكن التي تلقي فيها العسل ، ولولا التسخير ، ما كانت تأوي إِليها . قوله تعالى : { ثم كلي من كل الثمرات } قال ابن قتيبة : أي : من الثمرات ، و « كلُّ » هاهنا ليست على العموم ، ومثله قوله : { تدمِّر كل شيء } [ الأحقاف : 25 ] . قال الزجاج : فهي تأكل الحامض ، والمرَّ ، ومالا يوصَف طعمه ، فيُحيل الله عز وجل من ذلك عسلاً . قوله تعالى : { فاسلُكي سُبُل رَبِّكِ } السُّبُل : الطُّرُق ، وهي التي يطلب فيها الرعي . « والذُّلُل » جمع ذَلول . وفي الموصوف بها قولان : أحدهما : أنها السُّبُل ، فالمعنى : اسلكي السُّبُل مُذَلَّلَةً لكِ ، فلا يتوعَّر عليها مكان سلكته ، وهذا قول مجاهد ، واختيار الزجاج . والثاني : أنها النحل ، فالمعنى : إِنك مُذَلَّلَةً بالتسخير لبني آدم ، وهذا وقول قتادة ، واختيار ابن قتيبة . قوله تعالى : { يخرج من بطونها شراب } يعني : العسل { مختلف ألوانه } قال ابن عباس : منه أحمر ، وأبيض ، وأصفر . قال الزجاج : « يخرج » من بطونها ، إِلاَّ أنها تلقيه من أفواهها ، وإِنما قال . من بطونها ، لأن استحالة الأطعمة لا تكون إِلاَّ في البطن ، فيخرج كالريق الدائم الذي يخرج من فم ابن آدم . قوله تعالى : { فيه شفاءٌ للناس } في هاء الكناية ثلاثة أقوال : أحدها : أنها ترجع إِلى العسل ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال ابن مسعود . واختلفوا ، هل الشفاء الذي فيه يختص بمرض دون غيره ، أم لا ؟ على قولين : أحدهما : أنه عامّ في كل مرض . قال ابن مسعود : العسل شفاء من كل داء . وقال قتادة : فيه شفاء للناس من الأدواء . وقد روى أبو سعيد الخدري قال : " جاء رجل إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إِن أخي استطلق بطنُه ، فقال : « اسقه عسلاً » فسقاه ، ثم أتى فقال : قد سقيتُه فلم يزده إِلاَّ استطلاقاً ، قال : « اسقه ، عسلاً » ، فذكر الحديث … إِلى أن قال : فَشُفِيَ ، إِما في الثالثة ، وإِما في الرابعة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « صدق الله ، وكذب بطن أخيك » " أخرجه البخاري ، ومسلم . ويعني : بقوله « صدق الله » : هذه الآية . والثاني : فيه شفاء للأوجاع التي شفاؤها فيه ، قاله السدي . والصحيح أن ذلك خرج مخرج الغالب . قال ابن الأنباري : الغالب على العسل أنه يعمل في الأدواء ، ويدخل في الأدوية ، فإذا لم يوافق آحادَ المرضى ، فقد وافق الأكثرين ، وهذا كقول العرب : الماء حياة كل شيء ، وقد نرى من يقتله الماء ، وإِنما الكلام على الأغلب . والثاني : أن الهاء ترجع إِلى الاعتبار . والشفاء : بمعنى الهدى ، قاله الضحاك . والثالث : أنها ترجع إِلى القرآن ، قاله مجاهد .