Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 76-76)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ضرب الله مثلاً } أي : بيَّنَ شَبَهاً فيه بيان المقصود ، وفيه قولان : أحدهما : انه مَثَلٌ للمؤمن والكافر . فالذي { لا يقدر على شيء } هو الكافر ، لأنه لا خير عنده ، وصاحب الرزق هو المؤمن ، ابن لِما عنده من الخير ، هذا قول عباس ، وقتادة . والثاني : أنه مَثَل ضربه الله تعالى لنفسه وللأوثان ، لأنه مالكُ كل شيء ، وهي لا تملك شيئاً ، هذا قول مجاهد ، والسدي . وذُكر في التفسير أن هذا المثل ضُرب بِقوم كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيهم قولان : أحدهما : أن المملوك : أبو الجوار ، وصاحب الرزق الحسن : سيده هشام ابن عمرو ، رواه عكرمة عن ابن عباس . وقال مقاتل : المملوك : أبو الحواجر . والثاني : أن المملوك : أبو جهل بن هشام ، وصاحب الرزق الحسن : أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، قاله ابن جريج . فأما قوله : { هل يستوون } ولم يقل : يستويان ، لأن المراد : الجنس . وقال ابن الأنباري : لفظ « مَنْ » لفظ توحيد ، ومعناها معنى الجمع ، ولم يقع المَثَل بعبد معيَّن ، ومالك معين ، لكن عُنِيَ بهما جماعةُ عبيد ، وقومٌ مالكون ، فلما فارق من تأويل الجمع ، جمع عائدها لذلك . وقوله تعالى : { الحمدالله } أي : هو المستحق للحمد ، لأنه المنعم ، ولا نعمة للأصنام ، { بل أكثرهم } يعني المشركين { لا يعلمون } أن الحمد لله . قال العلماء : وصف أكثرهم بذلك ، والمراد : جميعهم . قوله تعالى : { وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم } قد فسرنا « البَكَم » في [ البقرة : 18 ] . ومعنى « لايقدر على شيء » أي : من الكلام ، لأنه لا يَفْهَم ولا يُفهَم عنه . { وهو كَلٌّ على مولاه } قال ابن قتيبة : أي : ثِقل على وليِّه وقرابته . وفيمن أُريد بهذا المَثَل أربعة أقوال : أحدها : أنه مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر ، فالكافر هو الأبكم ، والذي يأمر بالعدل [ هو ] المؤمن ، رواه العوفي عن ابن عباس . والثاني : أنها نزلت في عثمان بن عفان ، هو الذي يأمر بالعدل ، وفي مولى له كان يكره الإِسلام وينهى عثمان عن النَّفقة في سبيل الله ، وهو الأبكم ، رواه إِبراهيم بن يعلى بن مُنْيَة عن ابن عباس . والثالث : أنه مثل ضربه الله تعالى لنفسه ، وللوثن . فالوثن : هو الأبكم ، والله تعالى : هو الآمر بالعدل ، وهذا قول مجاهد ، وقتادة ، وابن السائب ، ومقاتل . والرابع : أن المراد بالأبكم : أُبيُّ بن خلف ، وبالذي يأمر بالعدل : حمزة ، وعثمان ابن عفان ، وعثمان بن مظعون ، قاله عطاء . فيخرج على هذه الأقوال في معنى « مولاه » قولان . أحدهما : أنه مولىً حقيقة ، إِذا قلنا : إِنه رجل من الناس . والثاني : أنه بمعنى الولي ، إِذا قلنا : إِنه الصنم ، فالمعنى : وهو ثِقل على وليِّه الذي يخدمه ويزيِّنه . ويخرج في معنى « أينما تُوَجِّه » قولان . إِن قلنا : إِنه رجل ، فالمعنى : أينما يرسله . والتوجيه : الإِرسال في وجه من الطريق . وإِن قلنا : إِنه الصنم ، ففي معنى الكلام قولان : أحدهما : أينما يدعوه ، لا يجيبه ، قاله مقاتل . والثاني : أينما توجَّه تأميله إِيّاه ورجاه له ، لا يأتِه ذلك بخير ، فحذف التأميل ، وخلفه الصنم ، كقوله : { ما وعدتنا على رسلك } [ آل عمران : 194 ] أي : على ألسنة رسلك . وقرأ البزي عن ابن محيصن « أينما تُوَجِهْهُ » بالتاء على الخطاب . فأما قوله : { لا يأت بخير } فان قلنا : هو رجل ، فانما كان كذلك ، لأنه لا يفهم ما يقال له ، ولاَ يُفْهَمُ عنه ، إِما لكفره وجحوده ، أو لِبَكَمٍ به . وإِن قلنا : إِنه الصنم ، فلكونه جماداً . { هل يستوي هو } أي : هذا الأبكم { ومن يأمر بالعدل } أي : ومن هو قادر على التكلم ، ناطق الحق .