Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 110-111)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن … } الآية . هذه الآية نزلت على سببين . [ نزل ] أولها إِلى قوله : { الحسنى } على سبب ، وفيه ثلاثة أقوال . أحدها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تهجَّد ذات ليلة بمكة ، فجعل يقول في سجوده : « يا رحمن ، يا رحيم » : فقال المشركون : كان محمدٌ يدعو إِلهاً واحداً ، فهو الآن يدعو إِلهين اثنين : الله ، والرحمن ، ما نعرف الرحمن إِلا رحمن اليمامة ، يعنون : مسيلمة ، فأنزل الله هذه الآية ، قاله ابن عباس . والثاني : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتب في أول ما أوحي إِليه : باسمك اللهم ، حتى نزل : { إِنه من سليمان وإِنه بسم الله الرحمن الرحيم } [ النمل : 30 ] ، فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال مشركو العرب : هذا الرحيم نعرفه ، فما الرحمن ؟ فنزلت هذه الآية ، قاله ميمون بن مهران . والثالث : أن أهل الكتاب قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إِنك لَتُقِلُّ ذِكْر الرحمن وقد أكثر الله في التوراة هذا الاسم ، فنزلت هذه الآية ، قاله الضحاك . فأما قوله : { ولا تجهر بصلاتك } فنزل على سبب ، وفيه ثلاثة أقوال . أحدها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع صوته بالقرآن بمكة ، فيسُبُّ المشركون القرآن و مَنْ أتى به ، فخفض رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته بعد ذلك حتى لم يسمع أصحابه ، فأنزل الله تعالى : { ولا تجهر بصلاتك } أي : بقراءتك ، فيسمع المشركون فيسبُّوا القرآن ، { ولا تخافت بها } عن أصحابك ، فلا يسمعون ، قاله ابن عباس . والثاني : أن الأعرابيّ كان يجهر في التشهُّد ويرفع صوته ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول عائشة . والثالث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلِّي بمكة عند الصفا ، فجهر بالقرآن في صلاة الغداة ، فقال أبو جهل : لا تفترِ على الله ، فخفض النبي صلى الله عليه وسلم صوته ، فقال أبو جهل للمشركين : ألا ترون ما فعلت بابن أبي كبشة ؟ ! رددته عن قراءته ، فنزلت هذه الآية ، قاله مقاتل . فأما التفسير ، فقوله : { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن } المعنى : إِن شئتم فقولوا : يا ألله ، وإِن شئتم فقولوا : يا رحمن ، فانهما يرجعان إِلى واحد ، { أيّاً ما تدعوا } المعنى : أيَّ أسماء الله تدعوا ؛ قال الفراء : و « ما » قد تكون صلة ، كقوله : { عما قليلٍ ليُصْبِحُنَّ نادمين } [ المؤمنون : 40 ] ، وتكون في معنى : « أيّ » معادَة لمَّا اختلف لفظهما . قوله تعالى : { ولا تجهر بِصَلاتك } فيه قولان . أحدهما : أنها الصلاة الشرعية . ثم في المراد بالكلام ستة أقوال . أحدها : لاتجهر بقراءتك ، ولا تخافت بها ، فكأنه نهي عن شدة الجهر بالقراءة ، وشدة المخافتة ، قاله ابن عباس . فعلى هذا في تسمية القراءة بالصلاة قولان ذكرهما ابن الأنباري . أحدهما : أن يكون المعنى : فلا تجهر بقراءة صلاتك . والثاني : أن القراءة بعض الصلاة ، فنابت عنها ، كما قيل لعيسى : كلمة الله ، لأنه بالكلمة كان . والثاني : لا تصلّ مراءاة للناس ، ولا تَدَعْها مخافة الناس ، قاله ابن عباس أيضاً . والثالث : لا تجهر بالتشهُّد في صلاتك ، روي عن عائشة في رواية ، وبه قال ابن سيرين . والرابع : لا تجهر بفعل صلاتك ظاهراً ، ولا تخافت بها شديد الاستتار ، قاله عكرمة . والخامس : لا تُحسِنْ علانيتها ، وتُسِيءْ سريرتها ، قاله الحسن . والسادس : لا تجهر بصلاتك كلِّها ، ولا تُخافت بجميعِها . فاجهر في صلاة الليل ، وخافِت في صلاة النهار ، على ما أمرناك به ، ذكره القاضي أبو يعلى . والقول الثاني : أن المراد بالصلاة : الدعاء ، وهو قول عائشة ، وأبي هريرة ، ومجاهد . قوله تعالى : { ولا تخافت بها } المخافتة : الإِخفاء ، يقال : صوت خفيت . { وابتغ بين ذلك سبيلاً } أي : اسلك بين الجهر والمخافتة طريقاً . وقد روي عن ابن عباس أنه قال : نُسخت هذه الآية بقوله : { واذكر ربَّك في نفسك تضرعاً وخِيفة ، ودون الجهر من القول } [ الأعراف : 205 ] ، وقال ابن السائب : نُسخت بقوله : { فاصدع بما تؤمر } [ الحجر : 94 ] ؛ وعلى التحقيق ، وجود النسخ هاهنا بعيد . قوله تعالى : { ولم يكن له شريك في المُلك } وقرأ أبو المتوكل ، وأبو الجوزاء ، وطلحة بن مصرِّف : « في المِلك » بكسر الميم ، { ولم يكن له وليٌّ من الذُّلِّ } قال مجاهد : لم يحالف أحداً ، ولم يبتغ نصر أحد ؛ والمعنى : أنه لا يحتاج إِلى موالاة أحد لِذُلٍّ يلحقه ، فهو مستغن عن الولي والنصير . { وكَبِّره تكبيراً } أي : عظِّمه تعظيماً تامّاً .