Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 105-109)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وبالحق أنزلناه } الهاء كناية عن القرآن ، والمعنى : أنزلنا القرآن بالأمر الثابت والدِّين المستقيم ، فهو حَقٌّ ، ونزوله حق ، وما تضمنه حق . وقال أبو سليمان الدمشقي : « وبالحق أنزلناه » أي : بالتوحيد ، « وبالحق نزل » يعني : بالوعد والوعيد ، والأمر والنهي . قوله تعالى : { وقرآنا فَرَقناه } قرأ علي عليه السلام ، وسعد بن أبي وقاص ، وأُبيّ بن كعب ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبو رزين ، ومجاهد ، والشعبي ، وقتادة ، والأعرج ، وأبو رجاء ، وابن محيصن : « فرَّقناه » بالتشديد . وقرأ الجمهور بالتخفيف . فأما قراءة التخفيف ، ففي معناها ثلاثة أقوال . أحدها : بيَّنَّا حلاله وحرامه ، رواه الضحاك عن ابن عباس . والثاني : فرقنا فيه بين الحق والباطل ، [ قاله الحسن ] . والثالث : أحكمناه وفصَّلناه ، كقوله تعالى : { فيها يُفرَق كُلُّ أمر حكيم } [ الدخان : 4 ] ، قاله الفراء . وأما المشددة ، فمعناها : أنه أُنزل متفرِّقاً ، ولم ينزل جملة واحدة . وقد بيَّنَّا في أول كتابنا هذا مقدار المدة التي نزل فيها . قوله تعالى : { لتقرَأَه على الناس على مُكْثٍ } قرأ أنس ، والشعبي ، والضحاك ، وقتادة ، وأبو رجاءٍ ، وأبان عن عاصم ، وابن محيصن : بفتح الميم ؛ والمعنى : على تُؤدة وترسُّل ليتدبَّروا معناه . قوله تعالى : { قل آمنوا به أو لا تؤمنوا } هذا تهديد لكفار [ أهل ] مكة ، والهاء كناية عن القرآن . { إِن الذين أوتوا العلم } وفيهم ثلاثة أقوال . أحدها : أنهم ناس من أهل الكتاب ، قاله مجاهد . والثاني : أنهم الأنبياء عليهم السلام ، قاله ابن زيد . والثالث : طلاب الدِّين ، كأبي ذر ، وسلمان ، وورقة بن نوفل ، وزيد ابن عمرو ، قاله الواحدي . وفي هاء الكناية في قوله : { من قبله } قولان . أحدهما : أنها ترجع إِلى القرآن ، والمعنى : من قبل نزوله . والثاني : ترجع إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاله ابن زيد . فعلى الأول { إِذا يتلى عليهم } القرآن . وعلى قول ابن زيد { إِذا يتلى عليهم } ما أُنزل إِليهم من عند الله . قوله تعالى : { يَخِرُّون للأذقان } اللام هاهنا بمعنى « على » . قال ابن عباس : قوله « للأذقان » أي : للوجوه . قال الزجاج : الذي يَخِرُّ وهو قائم ، إِنما يَخِرُّ لوجهه ، والذَّقْن : مُجْتَمع الَّلحيَين ، وهو عضو من أعضاء الوجه ، فإذا ابتدأ يَخِرُّ ، فأقرب الأشياء من وجهه إِلى الأرض الذقن . وقال ابن الأنباري : أول ما يلقى الأرضَ من الذي يَخِرُّ قبل أن يصوِّب جبتهه ذقنُه ، فلذلك قال : « للأذقان » . ويجوز أن يكون المعنى : يَخِرُّون للوجوه ، فاكتفى بالذقن من الوجه كما يُكتفى بالبعض من الكُلِّ ، وبالنوع من الجنس . قوله تعالى : { ويقولون سبحان ربِّنا } نزَّهوا الله تعالى عن تكذيب المكذِّبين بالقرآن ، وقالوا : { إِن كان وعد ربنا } بإنزال القرآن وبعثِ محمد صلى الله عليه وسلم { لمفعولاً } واللام دخلت للتوكيد . وهؤلاء قوم كانوا يسمعون أن الله باعثٌ نبيّاً من العرب ، ومُنزِلٌ عليه كتاباً ، فلما عاينوا ذلك ، حمدوا الله تعالى على إِنجاز الوعد ، { ويَخِرُّون للأذقان } كرَّر القول ليدل على تكرار الفعل منهم . { ويزيدهم خشوعاً } أي : يزيدهم القرآن تواضعاً . وكان عبد الأعلى التيمي يقول : من أوتي من العلم ما لا يُبكيه ، لَخليق أن لا يكون أوتيَ علماً ينفعه ، لأن الله تعالى نعت العلماء فقال : { إِن الذين أوتوا العلم … } إِلى قوله : « يبكون » .