Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 13-14)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وكلَّ إِنسانٍ } وقرأ ابن أبي عبلة « وكلُّ » برفع اللام . وقرأ ابن مسعود ، وأُبَيٌّ ، والحسن { ألزمناه طَيْره } بياء ساكنة من غير ألف . وفي الطائر أربعة أقوال . أحدها : شقاوته وسعادته ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . قال مجاهد : ما من مولود يولد إِلاَّ وفي عنقه ورقة مكتوب فيها شقي ، أو سعيد . والثاني : عمله ، قاله الفراء ، وعن الحسن كالقولين . والثالث : أنه ما يصيبه ، قاله خصيف . وقال أبو عبيدة حظُّه . قال ابن قتيبة : والمعنى فيما أرى والله أعلم ـ : أن لكل امرئٍ حظاً من الخير والشر قد قضاه الله [ عليه ] ، فهو لازم عنقه ، والعرب تقول : لكل ما لزم الإِنسان : قد لزم عنقه ، وهذا لك عليَّ وفي عنقي حتى أخرج منه ، وإِنما قيل للحظ من الخير والشر : « طائر » ، لقول العرب : جرى له الطائر بكذا من الخير ، وجرى له الطائر بكذا من الشر ، على طريق الفأل والطِيَّرة ، فخاطبهم الله بما يستعملون ، وأعلمهم أن ذلك الأمر الذي يجعلونه بالطّائر ، هو الذي يُلزمه أعناقهم . وقال الأزهري : الأصل في هذا أن الله تعالى لما خلق آدم ، علم المطيع من ذريته ، والعاصي ، فكتب ما علمه منهم أجمعين ، وقضى سعادةَ من علمه مطيعاً ، وشقاوة مَن علمه عاصياً ، فصار لكل منهم ما هو صائر إِليه عند خلقه وإِنشائه ، فذلك قوله : { ألزمناه طائره في عنقه } . والرابع : أنه ما يَتطيَّر من مثله من شيء عمله ، وذِكْرُ العنق عبارة عن اللزوم له ، كلزوم القلادة العنق من بين ما يلبس ، هذا قول الزجاج . وقال ابن الأنباري : الأصل في تسميتهم العمل طائراً ، أنهم كانوا يتطيَّرون من بعض الأعمال . قوله تعالى : { ونُخرج له } قرأ أبو جعفر : « ويُخْرَج » بياء مضمومة وفتح الراء . وقرأ يعقوب ، وعبد الوارث : بالياء مفتوحة وضم الراء . وقرأ قتادة ، وأبو المتوكل : « ويُخرِج » بياء مرفوعة وكسر الراء . وقرأ أبو الجوزاء ، والأعرج : « وتَخرُجُ » بتاء مفتوحة ورفع الراء ، { يوم القيامة كتاباً } وقرأ ابن عباس ، وعكرمة ، والضحاك : « كتاب » بالرفع ، { يلقاه } وقرأ ابن عامر ، وأبو جعفر : « يُلقَّاه » بضم الياء وتشديد القاف . وأمال حمزة ، والكسائي القاف . قال المفسرون : هذا كتابه الذي فيه ما عمل . وكان أبو السّوّار العَدَوي إِذا قرأ هذه الآية قال : نشرتان وطيَّة ، أمَّا ما حييتَ يا ابن آدم ، فصحيفتُك منشورة ، فأَمْلِ فيها ما شئت ، فاذا مُتَّ ، طُويت ، ثم إذا بُعثت ، نُشرت . قوله تعالى { إِقرأ كتابك } وقرأ أبو جعفر : « اقرا » بتخفيف الهمزة ، وفيه إِضمار ، تقديره ، فيقال له إِقرأ كتابك . قال الحسن : يقرؤه أُمِّياً كان أو غير أُميٍّ ، ولقد عدل عليك مَن جعلك حسيب نفسك . وفي معنى { حسيباً } ثلاثة أقوال . أحدها : محاسِباً . والثاني : شاهداً . والثالث : كافياً ، والمعنى : أن الإِنسان يفوَّض إِليه حسابه ، ليعلم عدل الله بين العباد ، ويرى وجوب حجة الله عليه ، واستحقاقه العقوبة ، ويعلم أنه إِن دخل الجنة ، فبفضل الله ، لا بعمله ، وإِن دخل النار ، فبذنبه . قال ابن الأنباري : وإِنما قال : { حسيباً } ، والنفس مؤنثة ، لأنه يعني بالنفس : الشخص ، أو لأنه لا علامة للتأنيث في لفظ النفس ، فشبِّهت بالسماء والأرض ، قال تعالى : { السماء منفطر به } [ المزمل : 18 ] ، قال الشاعر :