Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 59-59)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وما مَنَعَنا أن نُرْسِل بالآيات } سبب نزولها فيه قولان . أحدهما : " أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً ، وأن ينحِّي عنهم الجبال فيزرعوا ، فقيل له : إِن شئتَ أن تستأني بهم لعلَّنا نجتبي منهم ، وإِن شئتَ نؤتيهم الذي سألوا ، فان كفروا أُهلكوا كما أُهلك من كان قبلهم ، قال : « لا ، بل أستأني بهم » " ، فنزلت هذه الآية ، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس . والثاني : قد ذكرناه عن الزبير في قوله : { ولو أن قرآناً سيِّرت به الجبال } [ الرعد : 31 ] ، ومعنى الآية : وما منَعَنا إِرسالَ الآياتِ التي سألوها إِلا تكذيبُ الأوّلين ، يعني : أن هؤلاء سألوا الآيات التي استوجب بتكذيبها الأولونَ العذابَ ، فلم يرسلها لئلا يكذِّب بها هؤلاء ، فيهلكوا كما هلك أولئك ، وسنَّة الله في الأمم أنهم إِذا سألوا الآيات ثم كذَّبوا بها عذَّبهم . قوله تعالى : { وآتينا ثمود الناقة مبصرة } قال ابن قتيبة : أي : بَيِّنَةً ، يريد : مُبْصَراً بها . قال ابن الأنباري : ويجوز أن تكون مبصِّرة ، ويصلح أن يكون المعنى : مُبصِر مشاهدوها ، فنسب إِليها فعل غيرها تجوُّزاً ، كما يقال : لا أرينَّك هاهنا ، فأدخل حرف النهي على غير المنهي عنه ، إِذ المعنى لا تحضر هاهنا ، حتى إِذا جئتُ لم أركَ فيه . ومن قرأ « مَبْصَرة » بفتح الميم والصاد ، فمعناه : المبالغة في وصف الناقة بالتبيان ، كقولهم : « الولد مَجْبَنة » . قوله تعالى : { فظلموا بها } قال ابن عباس : فجحدوا بها . وقال الأخفش : بها كان ظُلمهم . قوله تعالى : { وما نرسل بالآيات إِلا تخويفاً } أي : نخوِّف العباد ليتَّعظوا . وللمفسرين في المراد بهذه الآيات أربعة أقوال . أحدها : أنها الموت الذَّريع ، قاله الحسن . والثاني : معجزات الرسل جعلها الله تعالى تخويفاً للمكذبين . والثالث : آيات الانتقام تخويفاً من المعاصي . والرابع : تقلُّب أحوال الإِنسان من صِغَرٍ إِلى شبابٍ ، ثم إِلى كهولة ، ثم إِلى مشيب ، ليعتبر بتقلُّب أحواله فيخاف عاقبة أمره ، ذكر هذه الأقوال الثلاثة الماوردي ، ونسبَ القولَ الأخير منها إِلى إِمامنا أحمد رضي الله عنه .