Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 7-8)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِن أحسنتم } أي : وقلنا لكم إِن أحسنتم فأطعتُم الله { أحسنتم لأنفسكم } أي : عاقبةُ الطاعة لكم { وإِن أسأتم } بالفساد والمعاصي { فلها } وفيه قولان . أحدهما : أنه بمعنى : فاِليها . والثاني : فعليها . { فإذا جاء وعد الآخرة } جواب « فاذا » محذوف ، تقديرُه : فاذا جاء وعد عقوبة المرة الآخرة من إِفسادكم ، بعثناهم ليسوؤوا وجوهكم ، وهذا الفساد الثاني ، هو قتلهم يحيى بن زكريا ، وقصدهم قتل « عيسى » فرُفِع ، وسلَّط الله عليهم ملوك فارس والروم فقتلوهم وسبَوْهم ، فذلك قوله : { ليسوؤوا وجوهكم } . قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وحفص عن عاصم : « ليسوؤوا » بالياء على الجميع والهمز بين الواوين ، والإِشارة إِلى المبعوثين . وقرأ ابن عامر ، وحمزة ، وأبو بكر عن عاصم : « ليسوءَ وجوهكم » على التوحيد ؛ قال أبو علي : فيه وجهان . أحدهما : ليسوءَ اللهُ عز وجل . والثاني : ليسوء البَعْثُ . وقرأ الكسائي : « لنسوءَ » بالنون ، وذلك راجع إِلى الله تعالى . وفيمن بَعث عليهم في المرة الثانية قولان . أحدهما : بختنصر ، قاله مجاهد ، وقتادة . وكثير من الرواة يأبى هذا القول ، ويقولون : كان بين تخريب « بختنصر » بيت المقدس ، وبين مولد يحيى بن زكريا زمان طويل . والثاني : انطياخوس الرومي ، قاله مقاتل . ومعنى { ليسوؤوا وجوهكم } أي : ليُدخِلوا عليكم الحزن بما يفعلون من قتلكم وسَبْيِكُم ؛ وخصت المساءاة بالوجوه ، والمراد : أصحاب الوجوه ، لما يبدو عليها من أثر الحزن والكآبة . قوله تعالى : { وليدخلوا المسجد } يعني : بيت المقدس { كما دخلوه } في المرة الأولى { وليُتَبِّروا } أي : ليدمِّروا ويخرِّبوا . قال الزجاج : يقال لكل شيء ينكسر من الزجاج والحديد والذهب : تِبر . ومعنى { ما علَوا } أي : ليدمِّروا في حال علوِّهم عليكم . قوله تعالى : { عسى ربكم أن يرحمكم } هذا مما وُعِدوا به في التوراة . و « عسى » من الله واجبة ، فرحمهم [ الله ] بعد انتقامه منهم ، وعمر بلادهم ، وأعاد نعمهم بعد سبعين سنة . { وإِن عدتم } إِلى معصيتنا { عُدنا } إِلى عقوبتكم . قال المفسرون : ثم إِنهم عادوا إِلى المعصية ، فبعث الله عليهم ملوكاً من ملوك فارس والروم . قال قتادة : ثم كان آخر ذلك أن بعث الله عليهم محمداً صلى الله عليه وسلم ، فهم في عذاب إِلى يوم القيامة ، فيعطُون الجزية عن يدٍ وهم صاغرون . قوله تعالى : { وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً } فيه قولان . أحدهما : سجناً ، قاله ابن عباس ، والضحاك ، وقتادة . وقال مجاهد : يحصرون فيها . وقال أبو عبيدة ، وابن قتيبة : محبساً ، وقال الزجاج : « حصيراً » : حبساً ، أخذ من قولك : حصرت الرجل ، إِذا حبسته ، فهو محصور ، وهذا حصيره ، أي : محبسه ، والحصير : المنسوج ، سمي حصيراً ، لأنه حصرت طاقاته بعضها مع بعض ، ويقال للجَنْب : حصير ، لأن بعض الأضلاع محصور مع بعض . وقال ابن الأنباري : حصيراً : بمعنى : حاصرة ، فصرف من حاصرة إِلى حصير ، كما صرف « مؤلم » إِلى أليم . والثاني : فراشاً ومهاداً ، قاله الحسن . قال أبو عبيدة : ويجوز أن تكون جهنم لهم مهاداً بمنزلة الحصير ، والحصير : البساط الصغير .