Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 4-6)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وقضينا إِلى بني إِسرائيل } فيه قولان : أحدهما : أخبرناهم ، رواه الضحاك عن ابن عباس . والثاني : قضينا عليهم ، رواه العوفي عن ابن عباس . وبه قال قتادة ، فعلى الأول : تكون « إِلى » على أصلها ، ويكون الكتاب : التوراة ، وعلى الثاني : تكون « إِلى » بمعنى « على » ، ويكون الكتاب الذِّكر الأول . قوله تعالى : { لتُفْسِدُنَّ في الأرض } يعني : أرض مصر { مرتين } بالمعاصي ومخالفة التوراة . وفي مَنْ قتلوه من الأنبياء في الفساد الأول قولان . أحدهما : زكريا ، قاله السدي عن أشياخه . والثاني : شَعْيَا ، قاله ابن إِسحاق . فأما المقتول من الأنبياء في الفساد الثاني : فهو يحيى بن زكريا . قال مقاتل : كان بين الفسادَين مائتا سنة وعشر سنين . فأما السبب في قتلهم زكريا ، فإنهم اتهموه بمريم ، وقالوا : منه حملت ، فهرب منهم ، فانفتحت له شجرة فدخل فيها وبقي من ردائه هدب ، فجاءهم الشيطان فدلَّهم عليه ، فقطعوا الشجرة بالمنشار وهو فيها . وأما السبب في قتلهم « شعيا » ، فهو أنه قام فيهم برسالةٍ مِنَ الله ينهاهم عن المعاصي . وقيل : هو الذي هرب منهم فدخل في الشجرة حتى قطعوه بالمنشار ، وأن زكريا مات حتف أنفه . وأما السبب في قتلهم يحيى بن زكريا ، ففيه قولان . أحدهما : أن ملِكهم أراد نكاح امرأة لا تحلُّ له ، فنهاه عنها يحيى . ثم فيها أربعة أقوال . أحدها : أنها ابنة أخيه ، قاله ابن عباس . والثاني : ابنته ، قاله عبد الله بن الزبير . والثالث : أنها امرأة أخيه ، وكان ذلك لا يصلح عندهم ، قاله الحسين بن علي عليهما السلام . والرابع : ابنة امرأته ، قاله السدي عن أشياخه ، وذكر أن السبب في ذلك : أن ملك بني إِسرائيل هويَ بنت امرأته ، فسأل يحيى عن نكاحها ، فنهاه ، فحنقت أمها على يحيى حين نهاه أن يتزوج ابنتها ، وعمدت إِلى ابنتها فزينتها وأرسلتها إِلى الملك حين جلس على شرابه ، وأمرتْها أن تسقيَه ، وأن تعرض له ، فان أَرادها على نفسها ، أَبت حتى يؤتى برأس يحيى بن زكريا في طَسْت ، ففعلت ذلك ، فقال : ويحك سليني غير هذا ، فقالت : ما أريد إِلا هذا ، فأمر ، فأُتي برأسه والرأس يتكلم ويقول : لا تحلُّ لك ، لا تحلُّ لك . والقول الثاني : أن امرأة الملك رأت يحيى عليه السلام وكان قد أُعطيَ حسناً وجمالاً ، فأرادته على نفسه ، فأبى ، فقالت لابنتها : سلي أباك رأس يحيى ، فأعطاها ما سألت ، قاله الربيع بن أنس . قال العلماء بالسِّيَر : ما زال دم يحيى يغلي حتى قتل عليه من بني إِسرائيل سبعون ألفاً ، فسكن ، وقيل : لم يسكن حتى جاء قاتله ، فقال : أنا قتلته ، فقُتِل ، فسكن . قوله تعالى : { ولتَعْلُنَّ عُلُوّاً كبيراً } أي : لتَعَظَّمُنّ عن الطاعة ولتبغُنَّ . قوله تعالى : { فإذا جاء وعد أولاهما } أي : عقوبة أُولى المرَّتين { بعثنا } أي : أرسلنا { عليكم عباداً لنا } وفيهم خمسة أقوال . أحدها : أنهم جالوت وجنوده ، قاله ابن عباس ، وقتادة . والثاني : « بُخْتَنَصَّر » ، قاله سعيد بن المسيب ، واختاره الفراء ، والزجاج . والثالث : العمالقة ، وكانوا كفاراً ، قاله الحسن . والرابع : سنحاريب ، قاله سعيد بن جبير . والخامس : قوم من أهل فارس ، قاله مجاهد . وقال ابن زيد : سلط [ الله ] عليهم سابور ذا الأكتاف من ملوك فارس . قوله تعالى : { أُولي بأسٍ شديد } أي : ذوي عدد وقوة في القتال . وفي قوله : { فجاسوا خلال الديار } ثلاثة أقوال . أحدها : مشَوا بين منازلهم ، قاله ابن أبي طلحة عن ابن عباس . وقال مجاهد : يتجسَّسون أخبارهم ، ولم يكن قتال . وقال الزجاج : طافوا خلال الديار ينظرون هل بقي أحد لم يقتلوه ؟ و « الجوس » : طلب الشيء باستقصاء . والثاني : قتلوهم بين بيوتهم ، قاله الفراء ، وأبو عبيدة . والثالث : عاثوا وأفسدوا ، يقال : جاسوا وحاسوا ، فهم يجوسون ويحوسون إِذا فعلوا ذلك ، قاله ابن قتيبة . فأما الخلال : فهي جمع خَلَل ، وهو الانفراج بين الشيئين . وقرأ أبو رزين ، والحسن ، وابن جبير ، وأبو المتوكل : « خَلَلَ الديار » بفتح الخاء واللام من غير ألفٍ . { وكان وعْداً مفعولا } أي : لا بد من كونه . قوله تعالى : { ثم رددنا لكم الكرة عليهم } أي : أظفرناكم بهم . والكَرَّة ، معناها : الرجعة والدُّولة ، وذلك حين قتل داودُ جالوتَ وعاد ملكهم إِليهم . وحكى الفراء أن رجلا دعا على « بختنصر » ، فقتله الله ، وعاد ملكهم إِليهم . وقيل : غزَوا ملك بابل فأخذوا ما كان في يده من المال والأسرى . قوله تعالى : { وجعلناكم أكثر نفيراً } أي : أكثر عدداً وأنصاراً منهم . قال ابن قتيبة : النَّفير والنافر واحد ، كما يقال : قدير وقادر ، وأصله : مَنْ يَنْفِرُ مع الرجل من عشيرته وأهل بيته .