Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 16-17)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وإِذ اعزلتموهم } قال ابن عباس : هذا [ قول ] يمليخا ، وهو رئيس أصحاب الكهف ، قال لهم : وإِذ اعتزلتموهم ، أي : فارقتموهم ، يريد : عبدة الأصنام ، { وما يعبدون إِلا الله } فيه قولان . أحدهما : واعتزلتم ما يعبدون ، إِلا الله ، فإن القوم كانوا يعبدون الله ويعبدون معه آلهة ، فاعتزل الفتية عبادة الآلهة ، ولم يعتزلوا عبادة الله ، هذا قول عطاءٍ الخراساني ، والفراء . والثاني : وما يعبدون غير الله ؛ قال قتادة : هي في مصحف عبد الله : « وما يعبدون من دون الله » ، وهذا تفسيرها . قوله تعالى : { فأووا إِلى الكهف } أي : اجعلوه مأواكم ، { ينشرْ لكم ربكم من رحمته } أي : يبسطْ عليكم من رزقه ، { ويهيِّءْ لكم من أمركم مرفقا } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي : « مِرفَقا » بكسر الميم ، وفتح الفاء . وقرأ نافع ، وابن عامر : « مَرفِقا » بفتح الميم ، وكسرالفاء . قال الفراء : أهل الحجاز يقولون : « مَرفِقاً » بفتح الميم وكسر الفاء ، في كل مرفق ارتفقت به ، ويكسرون مِرفق الإِنسان ، والعرب قد يكسرون الميم منهما جميعاً . قال ابن الأنباري : معنى الآية : ويهيِّىء لكم بَدَلاً من أمركم الصَّعب مرفقاً ، قال الشاعر : @ فليتَ لنا من ماءِ زمزمَ شَربَةً مُبرّدةً باتت على طَهَيانِ @@ معناه : فلَيت لنا بدلاً من ماء زمزم . قال ابن عباس : « ويهيِّىء لكم » : يسهِّلْ عليكم ما تخافون من الملِك وظلمه ويأتِكم باليُسر والرِّفق واللُّطف . قوله تعالى : { وترى الشمس إِذا طلعت } المعنى : لو رأيتَها لرأيتَ ما وصفنا . { تزاور } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو : « تَزَّاوَرُ » بتشديد الزاي . وقرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائي : « تَزَاور » خفيفة . وقرأ ابن عامر : « تَزْوَرُّ » مثل : « تَحْمَرُّ » . وقرأ أُبيّ بن كعب ، وأبو مجلز ، وأبو رجاء ، والجحدري : « تَزْوَارُّ » باسكان الزاي ، وبألف ممدودة بعد الواو من غير همزة ، مشددة الراء . وقرأ ابن مسعود ، وأبو المتوكل ، وابن السميفع : « تَزْوَئِرُّ » بهمزة قبل الراء ، مثل : « تَزْوَعِرُّ » . وقرأ أبو الجوزاء ، وأبو السماك : « تَزَوَّرُ » بفتح التاء والزاي وتشديد الواو المفتوحة خفيفة الراء ، مثل : « تَكَوَّرُ » ، أي : تميل وتعدل . قال الزجاج : أصل « تزاور » : تتزاور ، فأدغمت التاء في الزاي ، و { تقرضهم } أي : تعدل عنهم وتتركهم ، وقال : ذو الرمة : @ إِلى ظُعُنٍ يَقْرِضْنَ أجْوَازَ مُشْرِفٍ شِمالاً وعَنْ أيْمانِهِنَّ الفَوَارِسُ @@ يقرضن : يتركن . وأصل القرض : القطع والتفرقة بين الأشياء ، ومنه قولك : أقرِضني درهماً ، أي : اقطع لي من مالك درهماً . قال المفسرون : كان كهفهم بازاء بنات نعش في أرض الروم ، فكانت الشمس تميل عنهم طالعةً وغاربةً لا تدخل عليهم فتؤذيهم بحرِّها وتغير ألوانهم . ثم أخبر أنهم كانوا في متسع من الكهف ينالهم فيه برد الريح ، ونسيم الهواء ، فقال : { وهم في فجوة منه } قال أبو عبيدة : أي : [ في ] مُتَّسَع ، والجمع : فَجَوات ، وفِجاء بكسر الفاء . وقال الزجاج : إِنما صَرْفُ الشمس عنهم آيةٌ من الآيات ، ولم يرض قول من قال : كان كهفهم بازاء بنات نعش . قوله تعالى : { ذلك من آيات الله } يشير إِلى ما صنعه بهم من اللطف في هدايتهم ، وصرف أذى الشمس عنهم ، والرعب الذي ألقى عليهم حتى لم يقدر الملك الظالم ولا غيره على أذاهم . « من آيات الله » أي : من دلائله على قدرته ولطفه . { من يهد اللهُ فهو المهتد } هذا بيان أنه هو الذي تولَّى هداية القوم ، ولولا ذلك لم يهتدوا .