Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 19-20)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وكذلك بعثناهم } أي : وكما فعلنا بهم ما ذكرنا ، بعثناهم من تلك النومة { ليتساءلوا } أي : ليكون بينهم تساؤل وتنازع واختلاف في مدة لبثهم ، فيفيد تساؤلهم اعتبار المعتبِرين بحالهم . { قال قائل منهم كم لبثتم } أي : كم مَرَّ علينا منذ دخلنا هذا الكهف ؟ { قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم } وذلك أنهم دخلوا غُدوةً ، وبعثهم الله في آخر النهار ، فلذلك قالوا : { يوماً } ، فلما رأوا الشمس قالوا : « أو بعض يوم » { قالوا ربُّكم أعلم بما لبثتم } قال ابن عباس : القائل لهذا يمليخا رئيسهم ، ردَّ عِلْم ذلك إِلى الله تعالى . وقال في رواية أخرى : إِنما قاله مكسلمينا ، وهو أكبرهم . قال أبو سليمان : وهذا يوجب أن تكون نفوسهم قد حدَّثتْهم أنهم قد لبثوا أكثر مما ذكروا . وقيل : إِنما قالوا ذلك ، لأنهم رأوا أظفارهم وأشعارهم قد طالت جداً . قوله تعالى : { فابعثوا أحدكم } قال ابن الأنباري : إِنما قال : « أحدَكم » ، ولم يقل : واحدَكم ، لئلا يلتبس البعض بالممدوح المعظَّم ، فان العرب تقول : رأيت أحد القوم ، ولا يقولون : رأيت واحد القوم ، إِلا إِذا أرادوا المعظَّم ، فأراد بأحدهم : بعضَهم ، ولم يُرِد شريفهم . قوله تعالى : { بِوَرِقِكُمْ } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وابن عامر ، والكسائي ، وحفص عن عاصم : « بِوَرِقِكُم » الراء مكسورة خفيفة . وقرأ أبو عمرو ، وحمزة ، وأبو بكر عن عاصم ساكنة الراء . وعن أبي عمرو : « بورقكم » مدغمة يُشِمُّها شيئاً من التثقيل ؛ قال الزجاج : تصير كافاً خالصة . قال الفراء : الوَرِق لغة أهل الحجاز ، وتميم يقولون : الوَرْق ، وبعض العرب يكسرون الواو ، فيقولون : الوِرْق . قال ابن قتيبة . الوَرِق : الفضة ، دراهم كانت أو غير دراهم ، يدلك على ذلك حديث عَرْفَجَة أنه اتخذ أنفاً من وَرِق . قوله تعالى : { إِلى المدينة } يعنون التي خرجوا منها ، واسمها دقسوس ، ويقال : هي اليوم طرسوس . قوله تعالى : { فليَنْظُر أيُّها } قال الزجاج : المعنى : أيُّ أهلها { أزكى طعاماً } وللمفسرين في معناه ستة أقوال . أحدها : أَحَلُّ ذبيحة ؛ قاله ابن عباس ، وعطاء ، وذلك أن عامة أهل بلدهم كانوا كفاراً ، فكانوا يذبحون للطواغيت ، وكان فيهم قوم يُخفون إِيمانهم . والثاني : أَحَلُّ طعاماً ، قاله سعيد بن جبير ؛ قال الضحاك : وكانت أكثر أموالهم غصوباً . وقال مجاهد : قالوا لصاحبهم لا تبتعْ طعاماً فيه ظلم ولا غصب . والثالث : أكثر ، قاله عكرمة . والرابع : خير ، أي : أجود ، قاله قتادة . والخامس : أطيب ، قاله ابن السائب ، ومقاتل . والسادس : أرخص ، قاله يمان بن رياب . قال ابن قتيبة : وأصل الزكاء : النماء والزيادة . قوله تعالى : { فليأتكم برزق منه } أي : بما تأكلونه . { ولْيتلطف } أي : ليدقِّق النظر فيه ، وليحتلْ لئلا يُطَّلَع عليه . { ولا يُشْعِرَنَّ بِكُم } أي : ولا يُخْبِرَنَّ أحداً بمكانكم . { إِنهم إِن يظهروا } أي : يطَّلعوا ويُشرفوا عليكم ، { يرجموكم } وفيه ثلاثة أقوال . أحدها : يقتلوكم ، قاله ابن عباس . وقال الزجاج : يقتلوكم بالرجم . والثاني : يرجموكم بأيديهم ، استنكاراً لكم ، قاله الحسن . والثالث : بألسنتهم شتماً لكم ، قاله مجاهد ، وابن جريج . قوله تعالى : { أو يُعيدوكم في مِلَّتهم } أي : يردُّوكم في دينهم ، { ولن تُفلحوا إِذاً أبداً } أي : إِن رجعتم في دينهم ، لم تسعدوا في الدنيا ولا في الآخرة .