Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 56-59)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ويجادل الذين كفروا بالباطل } قال ابن عباس : يريد : المستهزئين والمقتسمين وأتباعهم . وجدالُهم بالباطل : أنهم ألزموه أن يأتيَ بالآيات على أهوائهم { ليُدْحِضُوا به الحق } أي : ليُبْطِلوا ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : جدالُهم : قولُهم : { أإِذا كُنّا عظاماً ورُفاتاً } [ الإسراء 49 ] ، { أإِذا ضللنا في الأرض } [ السجدة : 10 ] ، ونحو ذلك ليبطلوا به ما جاء في القرآن من ذِكْر البعث والجزاء . قال أبو عبيدة : ومعنى « ليُدْحِضوا » : ليُزِيلوا ويذهبوا ، يقال : مكان دَحْض ، أي : مَزَلٌّ لا يثبت فيه قدم ولا حافر . قوله تعالى : { واتَّخَذُوا آياتي } يعني القرآن . { وما أُنْذِروا } أي : خُوِّفوا به من النار والقيامة { هُزُواً } أي : مهزوءاً به . قوله تعالى : { ومن أظلم } قد شرحنا هذه الكلمة في [ البقرة : 114 ] . و { ذُكِّر } بمعنى : وُعِظ . وآياتُ ربِّه : القرآن ، وإِعراضُه عنها : تهاونُه بها . { ونسي ما قدَّمت يداه } أي : ما سلف من ذنوبه ؛ وقد شرحنا ما بعد هذا في [ الأنعام : 21 ] إِلى قوله : { وإِن تدعُهم إِلى الهُدى } وهو : الإِيمان والقرآن { فلن يهتدوا } هذا إِخبار عن عِلْمه فيهم . قوله تعالى : { وربُّك الغفور ذو الرحمة } إِذ لم يعاجلهم بالعقوبة . { بل لهم موعد } للبعث والجزاء { لن يجدوا من دونه موئلا } قال الفراء : الموئل : المنجى ، وهو الملجأ في المعنى ، لأن المنجى ملجأٌ . والعرب تقول : إِنه لَيُوائل إِلى موضعه ، أي : يذهب إِلى موضعه ، قال الشاعر : @ لاوَاءَلَتْ نَفْسُكَ خَلَّيْتَها للعامِرِيّيْن ، وَلمْ تُكْلَمِ @@ يريد : لا نجت نفسك ، وأنشد أبو عبيدة للأعشى : @ وَقَدْ أُخالِسُ رَبَّ البَيْتِ غَفْلَتَهُ وقَدْ يُحاذِرُ مِنِّي ثَمَّ مَايَئِلُ @@ أي : ما ينجو . وقال ابن قتيبة : الموئل : الملجِأ . يقال : وأل فلان إِلى كذا : إِذا لجأ . فإن قيل : ظاهر هذه الآية يقتضي أن تأخير العذاب عن الكفار برحمة الله ، ومعلوم أنه لا نصيب لهم في رحمته . فعنه جوابان . أحدهما : [ أن ] الرحمة هاهنا بمعنى النعمة ، ونعمة الله لا يخلو منها مؤمن ولا كافر . فأما الرحمة التي هي الغفران والرضى ، فليس للكافر فيها نصيب . والثاني : أن رحمة الله محظورة على الكفار يوم القيامة ، فأما في الدنيا ، فإنهم ينالون منها العافية والرزق . قوله تعالى : { وتلك القرى } يريد : التي قصصنا عليكَ ذِكْرها ، والمراد : أهلها ، ولذلك قال : { أهلكناهم } والمراد : قوم هود ، وصالح ، ولوط ، وشعيب . قال الفراء : قوله : { لَمّا ظَلَموا } معناه : بعدما ظَلَموا . قوله تعالى : { وجعلنا لمهلكهم } قرأ الأكثرون بضم الميم وفتح اللام ؛ قال الزجاج : وفيه وجهان . أحدهما : أن يكون مصدراً ، فيكون المعنى : وجعلنا لإِهلاكهم . والثاني : أن يكون وقتاً ، فالمعنى : لوقت هلاكهم . وقرأ أبو بكر عن عاصم بفتح الميم واللام ، وهو مصدر مثل الهلاك . وقرأ حفص عن عاصم بفتح الميم وكسر اللام ، ومعناه : لوقت إِهلاكهم .