Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 108-108)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أم تريدون أن تسألوا رسولكم } في سبب نزولها خمسة أقوال . أحدها : أن رافع بن حريملة ، ووهب بن زيد ، قالا لرسول الله : ائتنا بكتاب نقرؤه تنزله من السماء علينا ، وفجر لنا أنهاراً حتى نتبعك ، فنزلت الآية ، قاله ابن عباس . والثاني : أن قريشاً سألت النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً ، فقال : « هو لكم كالمائدة لبني إِسرائيل [ إن كفرتم ] فأبوا » قاله مجاهد . والثالث : أن رجلاً قال : يا رسول الله لو كانت كفاراتنا ككفارات بني إسرائيل ، فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : " اللهم لا نبغيها ، ما أعطاكم الله ، خير مما أعطى بني إسرائيل ، كانوا إذا أصاب أحدهم الخطيئة ؛ وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها ، فان كفرها كانت له خزياً في الدنيا ، وإن لم يكفرها كانت له خزياً في الآخرة ، فقد أعطاكم الله خيراً مما أعطى بني إسرائيل " فقال : { ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً } [ النساء : 110 ] وقال : " الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهن " فنزلت هذه الآية . قاله أبو العالية . والرابع : أن عبد الله بن أبي أمية المخزومي أتى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في رهط من قريش ، فقال : يا محمد : والله لا أؤمن بك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلاً ، فنزلت هذه الآية . ذكره ابن السائب . والخامس : أن جماعة من المشركين جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال بعضهم : لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً . وقال آخر : لن أؤمن لك حتى تسير لنا جبال مكة ، وقال عبد الله بن أبي أمية : لن أؤمن لك حتى تأتي بكتاب من السماء ، فيه : من الله رب العالمين إلى ابن أبي أمية : اعلم أني قد أرسلت محمدا إلى الناس . وقال آخر : هلا جئت بكتابك مجتمعاً ، كما جاء موسى بالتوراة . فنزلت هذه الآية . ذكره محمد بن القاسم الأنباري . وفي المخاطبين بهذه الآية ثلاثة أقوال . أحدها : أنهم قريش ، قاله ابن عباس ومجاهد . والثاني اليهود ، قاله مقاتل . والثالث : جميع العرب ، قاله أبو سليمان الدمشقي . وفي « أم » قولان . أحدهما : أنها بمعنى : بل تقول العرب : هل لك عليَّ حق ، أم أنت معروف بالظلم . يريدون : بل أنت . وأنشدوا : @ بدت مثل قرن الشمس في رونق الضحى وصورتها أم أنت في العين أملح @@ ذكره الفراء والزجاج . والثاني : بمعنى الاستفهام . فان اعترض معترض ، فقال : إنما تكون للاستفهام إذا كانت مردودة على استفهام قبلها ، فأين الاستفهام الذي تقدمها ؟ فعنه جوابان . أحدهما : أنه قد تقدمها استفهام ، وهو قوله { ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير } ذكره الفراء . وكذلك قال ابن الأنباري : هي مردودة على الألف في : { ألم تعلم } فإن اعترض على هذا الجواب ، فقيل : كيف يصح العطف ولفظ : { ألم تعلم } ينبىء عن الواحد ، و { تريدون } عن جماعة ؟ فالجواب : أنه إنما رجع الخطاب من التوحيد إلى الجمع ، لأن ما خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد خوطبت به أمته ، فاكتفى به من أمته في المخاطبة الأولى ، ثم أظهر المعنى في المخاطبة الثانية . ومثل هذا قوله تعالى : { يا أيها النبي إِذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } [ الطلاق : 1 ] . ذكر هذا الجواب ابن الأنباري . فأما الجواب الثاني عن { أم } ؛ فهو أنها للاستفهام ، وليست مردودة على شيء . قال الفراء : إذا توسط الاستفهام الكلام ؛ ابتدىء بالألف وبأم ، وإذا لم يسبقه كلام ؛ لم يكن إلا بالألف أو بـ « هل » . وقال ابن الأنباري : « أم » جارية مجرى « هل » ، غير أن الفرق بينهما : أن « هل » استفهام مبتدأ ، لا يتوسط ولا يتأخر ، و « أم » : استفهام متوسط ، لا يكون إلا بعد كلام . فأما الرسول هاهنا ؛ فهو : محمد صلى الله عليه وسلم ، والذي سئل موسى من قبل قولهم : { أرنا الله جهرة } [ النساء : 153 ] . وهل سألوا ذلك نبياً أم لا ؟ فيه قولان . أحدهما : أنهم سألوا ذلك ، فقالوا { لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلاً } [ الإسراء : 92 ] . قاله ابن عباس والثاني : أنهم بالغوا في المسائل ، فقيل لهم بهذه الآية : لعلكم تريدون أن تسألوا محمداً أن يريكم الله جهرة ، قاله أبو سليمان الدمشقي . والكفر : الجحود ، والإيمان : التصديق . وقال أبو العالية : المعنى : ومن يتبدل الشدة بالرخاء . وسواء السبيل : وسطه .