Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 183-183)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام } الصيام في اللغة : الإمساك في الجملة ، يقال : صامت الخيل : إذا أمسكت عن السير ، وصامت الريح : إِذا أمسكت عن الهبوب . والصوم في الشرع : عبارة عن الإمساك عن الطعام والشراب والجماع مع انضمام النية إليه . وفي الذين من قبلنا ثلاثة أقوال . أحدها : أنهم أهل الكتاب ، رواه عطاء الخراساني عن ابن عباس ، وهو قول مجاهد . والثاني : أنهم النصارى : قاله الشعبي ، والربيع ، والثالث : أنهم جميع أهل الملل ، ذكره أبو صالح عن ابن عباس . وفي موضع التشبيه في كاف { كما كتب } قولان . أحدهما : أن التشبيه في حكم الصوم وصفته ، لا في عدده . قال سعيد بن جبير : كتب عليهم إذا نام أحدهم قبل أن يطعم لم يحل له أن يطعم إلى القابلة ، والنساء عليهم حرام ليلة الصيام ، وهو عليهم ثابت . وقد أرخص لكم . فعلى هذا تكون هذه الآية منسوخة بقوله : { أحل لكم ليلة الصيام الرفث } [ البقرة : 187 ] . فانها فرقت بين صوم أهل الكتاب وبين صوم المسلمين . والثاني : أن التشبيه في عدد الأيام . ثم في ذلك قولان . أحدهما : أنه فرض على هذه الأمة صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وقد كان ذلك فرضاً على من قبلهم . قال عطية عن ابن عباس في قوله تعالى : { كما كتب على الذين من قبلكم } قال : كان ثلاثة أيام من كل شهر ، ثم نسخ برمضان . قال معمر عن قتادة : كان الله قد كتب على الناس قبل رمضان ثلاثة أيام من كل شهر ، فعلى هذا القول تكون الآية منسوخة بقوله تعالى : { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } والثاني : أنه فرض على من قبلنا صوم رمضان بعينه . قال ابن عباس : فقدم النصارى يوماً ثم يوماً ، وأخَّروا يوماً ، ثم قالوا : نقدم عشراً ونؤخر عشراً . وقال السدي عن أشياخه : اشتد على النصارى صوم رمضان ، فجعل يتقلب عليهم في الشتاء والصيف ، فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجلوا صياماً في الفصل بين الشتاء والصيف ، وقالوا : نزيد عشرين يوماً نكفر بها ما صنعنا . فعلى هذا تكون الآية محكمة غير منسوخة . قوله تعالى : { لعلكم تتقون } لأن الصيام وصلة إلى التقى ، إذ هو يكف النفس عن كثير مما تتطلع إليه من المعاصي ، وقيل : لعلكم تتقون محظورات الصوم .