Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 184-184)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أياماً معدودات } قال الزجاج : نصب « أياماً » على الظرف ، كأنه قال : كتب عليكم الصيام في هذه الأيام . والعامل فيه « الصيام » ، كأنَّ المعنى : كتب عليكم أن تصوموا أياماً معدودات . وفي هذه الأيام ثلاثة أقوال . أحدها : أنها ثلاثة أيام من كل شهر . والثاني : أنها ثلاثة أيام من كل شهر ويوم عاشوراء . والثالث : أنها شهر رمضان ، وهو الأصح . وتكون الآية محكمة في هذا القول ، وفي القولين قبله تكون منسوخة { فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام } فيه إضمار : فأفطر . فصل وليس المرض والسفر على الإطلاق ، فان المريض إذا لم يضر به الصوم ؛ لم يجز له الإفطار ، وإنما الرحمة موقوفة على زيادة المرض بالصوم . واتفق العلماء أن السفر مقدر ، واختلفوا في تقديره ، فقال أحمد ، ومالك ، والشافعي ، أقله مسيرة ستة عشر فرسخاً ؛ يومان ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : أقله مسيرة ثلاثة أيام ، مسيرة أربعة وعشرين فرسخاً . وقال الأوزاعي : أقله مرحلة يوم ، مسيرة ثمانية فراسخ . وقيل : إن السفر مشتق من السفر الذي هو الكشف ، يقال : سفرت المرأة عن وجهها ، وأسفر الصبح : إذا أضاء ، فسمي الخروج إلى المكان البعيد : سفراً ، لأنه يكشف عن أخلاق المسافر . قوله تعالى : { وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين } نقل عن ابن مسعود ، ومعاذ بن جبل ، وابن عمر ، وابن عباس ، وسلمة بن الأكوع ، وعلقمة ، والزهري في آخرين في هذه الآية ؟ أنهم قالوا : كان من شاء صام ، ومن شاء أفطر وافتدى ، يطعم عن كل يوم مسكيناً حتى نزلت : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } فعلى هذا يكون معنى الكلام : وعلى الذين يطيقونه ولا يصومونه فدية ، ثم نسخت . وروي عن عكرمة أنه قال : نزلت في الحامل والمرضع . وقرا أبو بكر الصديق ، وابن عباس : { وعلى الذين يطوّقونه } بضم الياء وفتح الطاء وتشديد الواو . قال ابن عباس : هو الشيخ والشيخة . قوله تعالى : { فديةٌ طعامُ مسكين } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي « فديةٌ » منون { طعام المسكين } موحد . وقرأ نافع ، وابن عامر : « فدية » بغير تنوين « طعام » بالخفض « مساكين » بالجمع . قال أبو علي : معنى القراءة الأولى : على كل واحد طعام مسكين . ومثله : { فاجلدوهم ثمانين } [ النور : 4 ] . أي : اجلدوا كل واحد ثمانين . قال أبو زيد : أتينا الأمير فكسانا كلنا حلّة ، وأعطانا كلنا مئة ، أي : فعل ذلك بكل واحد منا . قال : فأما من أضاف الفدية إلى الطعام ، فكإضافة البعض إلى ما هو بعض له ، وذلك أنه سمى الطعام الذي يفدى به : فدية ، ثم أضاف الفدية إلى الطعام الذي يعم الفدية وغيرها ، فهو على هذا من باب : خاتم حديد . قوله تعالى : { فمن تطوع خيراً } [ فيه ] ثلاثة أقوال . أحدها : أن معناه : من أطعم مسكينين ، قاله ابن عباس ، ومجاهد . والثاني : أن التطوع إطعام مساكين ، قاله طاووس . والثالث : أنه زيادة المسكين على قوته ، وهو مروي عن مجاهد ، وفعله أنس ابن مالك لما كبر { وأن تصوموا خير لكم } عائد إلى من تقدم ذكره من الأصحاء المقيمين المخيّرين بين الصوم والإطعام على ما حكينا في أول الآية عن السلف ، ولم يرجع ذلك إلى المرضى والمسافرين ، والحامل والمرضع ، إذ الفطر في حق هؤلاء أفضل من الصوم ، وقد نهوا عن تعريض أنفسهم للتلف ، وهذا يقوي قول القائلين بنسخ الآية .