Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 189-189)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يَسْئَلُونَكَ عن الأَهِلَّةِ } هذه الآية من أولها إلى قوله : « والحج » نزلت على سبب ، وهو أن رجلين من الصحابة قالا : يا رسول الله ! ما بال الهلال يبدو دقيقاً ، ثم يزيد ويمتلئ حتى يستدير ويستوي ، ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يعود كما كان ؟ فنزلت : { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج } هذا قول ابن عباس . ومن قوله تعالى : { وليس البِرّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها } إلى آخرها ، يدل على سبب آخر ، وهو أنهم كانوا إذا حجوا ، ثم قدموا المدينة ، لم يدخلوا من باب ، ويأتون البيوت من ظهورها ، فنسي رجل ، فدخل من باب ، فنزلت : { وليس البرُّ بأن تأتوا البيوت من ظهورها } هذا قول البراء بن عازب . وفيما كانوا لا يدخلون البيوت من أبوابها لأجله أربعة أقوال . أحدها : أنهم كانوا يفعلون ذلك لأجل الإحرام ، قاله ابن عباس ، وأبو العالية ، والنخعي ، وقتادة ، وقيس النهشلي . والثاني : لأجل دخول الشهر الحرام ، قاله البراء بن عازب . والثالث : أن أهل الجاهلية كانوا إذا همَّ أحدهم بالشيء فاحتبس عنه ؛ لم يأت بيته من بابه حتى يأتي الذي كان هم به ، قاله الحسن . والرابع : أن أهل المدينة كانوا إذا رجعوا من عيدهم فعلوا ذلك ، رواه عثمان بن عطاء عن أبيه . فأما التفسير ؛ فانما سألوه عن وجه الحكمة في زيادة الأهلَّة ونقصانها ، فأخبرهم أنها مقادير لما يحتاج الناس إليه في صومهم وحجهم وغير ذلك . والأهلَّة : جمع هلال . وكم يبقى الهلال على هذه التسمية ؟ فيه للعرب أربعة أقوال . أحدها : أنه يسمى هلالاً لليلتين من الشهر . والثاني : لثلاث ليال ، ثم يسمى : قمراً . والثالث : إلى أن يحجر ، وتحجيره : أن يسير بخطة دقيقة ، وهو قول الأصمعي . والرابع : إلى أن يبهر ضوؤه سواد الليل . حكى هذه الأقوال ابن السري ، واختار الأول ، قال : واشتقاق الهلال من قولهم : استهل الصبي : إذا بكى حين يولد ، وأهل القوم بالحج : إذا رفعوا أصواتهم بالتلبية ، فسمي هلالاً ، لأنه حين يُرى يُهل الناس بذكره . قوله تعالى : { ولكنَّ البرَّ من اتقى } مثل قوله تعالى : { ولكن البرَّ من آمن بالله } وقد سبق بيانه ، واختلف القراء في البيوت وما أشبهها ، فقرأ ابن كثير ، وابن عامر ، والكسائي ، بكسر باء « البيوت » وعين « العُيون » وغين « الغُيوب » وروي عن نافع أنه ضم باء « البيوت » وعين « العيون » وغين « الغيوب » وجيم « الجيوب » وشين « الشيوخ » وروى عنه قالون أنه كسر باء « البيوت » وقرأ أبو عمر ، وأبو جعفر بضم الأحرف الخمسة ، وكسرهن جميعاً حمزة ، واختلف عن عاصم . قال الزجاج : من ضم « البيوت » فعلى أصل الجمع : بيت وبيوت ، مثل : قلب وقلوب ، وفلس وفلوس ، ومن كسر ، فانما كسر للياء التي بعد الباء ، وذلك عند البصريين رديء ، لأنه ليس في الكلام فعول بكسر الفاء . وسمعت شيخنا أبا منصور اللغوي يقول : إذا كان الجمع على فعول ، وثانيه ياء ؛ جاز فيه الضم والكسر ، تقول : بُيوتٌ وبِيوت ، وشُيوخٌ وشِيوخ ، وقُيود وقِيود .