Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 191-191)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { واقتلوهم حيث ثقفتموهم } أي : وجدتموهم . يقال : ثقفته أثقفه : إذا وجدته . قال القاضي أبو يعلى : قوله تعالى : { واقتلوهم حيث تقفثموهم } عام في جميع المشركين ، إلا من كان بمكة ، فانهم أمروا باخراجهم منها ، إلا من قاتلهم ، فإنهم أُمروا بقتالهم ، يدل على ذلك قوله في نسق الآية : { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه } وكانوا قد آذوا المسلمين بمكة حتى اضطروهم إلى الخروج ، فكأنهم أخرجوهم . فأما الفتنة ، ففيها قولان . أحدهما : أنها الشرك ، قاله ابن مسعود ، وابن عباس ، وابن عمر ، وقتادة في آخرين . والثاني : أنها ارتداد المؤمن إلى عبادة الأوثان . قاله مجاهد . فيكون معنى الكلام على القول الأول : شرك القوم أعظم من قتلكم إياهم في الحرم . وعلى الثاني : ارتداد المؤمن إلى الأوثان أشد عليه من أن يقتل محقاً . قوله تعالى : { ولا تُقاتلوهم } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وعاصم : { ولا تُقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فان قاتلوكم فاقتلوهم } وقرأ حمزة ، والكسائي ، وخلف : { ولا تقتلوهم حتى يقتلوكم فان قتلوكم } بحذف الألف فيهن . وقد اتفق الكل على قوله : { فاقتلوهم } واحتج من قرأ بالألف بقوله : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } واحتج من حذف الألف بقوله : { فاقتلوهم } . فصل واختلف العلماء في قوله : { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه } : هل هو منسوخ أم لا ؟ فذهب مجاهد في جماعة من الفقهاء إلى أنه محكم ، وأنه لا يقاتل فيه إلا من قاتل ، ويدل على ذلك الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه خطب يوم فتح مكة ، فقال : " يا أيها الناس ! إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والارض ، ولم تحل لأحد قبلي ، ولا تحل لأحد بعدي . وإنما أُحلت لي ساعةً من النهار ، ثم عادت حراماً إلى يوم القيامة " فبين صلى الله عليه وسلم أنه خص في تلك الساعة بالإباحة على سبيل التخصيص ، لا على وجه النسخ ، فثبت بذلك حظر القتال في الحرم ، إلا أن يقاتلوا فيدفعون دفعاً ، وهذا أمر مستمر ، والحكم غير منسوخ ، وقد ذهب قتادة إلى أنه منسوخ بقوله تعالى : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } [ التوبة : 5 ] فأمر بقتالهم في الحل والحرم وعلى كل حال . وذهب الربيع بن أنس ، وابن زيد . إلى أنه منسوخ بقوله تعالى : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنةٌ } وزعم مقاتل أنه منسوخ بقوله تعالى : { واقتلوهم حيث ثقفتموهم } [ البقرة : 191 ] . والقول الأول أصح . قوله تعالى : { فان قاتلوكم فاقتلوهم } قال مقاتل : أي : فقاتلوهم .