Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 198-199)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلاً من ربكم } قال ابن عباس : كانوا يتقون البيوع والتجارة في الموسم ، ويقولون : أيام ذكر ؛ فنزلت هذه الآية . والابتغاء : الالتماس ، والفضل هاهنا : التماس الرزق بالتجارة والكسب . قال ابن قتيبة : أفضتم ، بمعنى : دفعتم . وقال الزجاج : معناه : دفعتم بكثرة ، يقال : أفاض القوم في الحديث : إذا اندفعوا فيه ، و أكثروا التصرف . وفي تسمية « عرفات » قولان . أحدهما : أن الله تعالى بعث جبريل إلى إبراهيم فحج به ، فلما أتى عرفات قال : قد عرفت ، فسميت « عرفة » قاله علي رضي الله عنه . والثاني : أنها سميت بذلك لاجتماع آدم وحواء ، وتعارفهما بها ، قاله الضحاك . قال الزجاج : والمشعر : المعلم ، سمي بذلك ، لأن الصلاة عنده . والمقام والمبيت والدعاء من معالم الحج ، وهو مزدلفة ، وهي جمع يسمى بالاسمين . قال ابن عمر ، ومجاهد : المشعر الحرام : المزدلفة كلها . قوله تعالى : { واذكروه كما هداكم } أي : جزاء هدايته لكم ، فان قيل : ما فائدة تكرير الذكر ؟ قيل : فيه أربعة أجوبة . أحدها : أنه كرره للمبالغة في الأمر به . والثاني : أنه وصل بالذكر الثاني ما لم يصل بالذكر الأول ، فحسن تكريره . فالمعنى : اذكروه بتوحيده كما ذكركم بهدايته . والثالث : أنه كرره ليدل على مواصلته ، والمعنى : اذكروه ذكراً بعد ذكر ، ذكر هذه الأقوال محمد بن القاسم النحوي . والرابع : أن الذكر في قوله : { فاذكروا الله عند المشعر الحرام } هو : صلاة المغرب والعشاء اللتان يجمع بينهما بالمزدلفة . والذكر في قوله : { كما هداكم } هو : الذكر المفعول عند الوقوف بمزدلفة غداة جمع ، حكاه القاضي أبو يعلى . قوله تعالى : { وإن كنتم من قبله } في هاء الكناية ثلاثة أقوال . أحدها : أنها ترجع إلى الإسلام ، قاله ابن عباس . والثاني : أنها ترجع إلى الهدى ، قاله مقاتل ، والزجاج والثالث : أنها ترجع إلى القرآن ، قاله سفيان الثوري . قوله تعالى : { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } قالت عائشة : كانت قريش ومن يدين بدينها ، وهم الحمس ، يقفون عشية عرفة بالمزدلفة ، يقولون : نحن قطن البيت ، وكان بقية العرب والناس يقفون بعرفات ، فنزلت هذه الآية . قال الزجاج : سموا الحمس لأنهم تحمسوا في دينهم ، أي : تشددوا . والحماسة : الشدة في كل شيء . وفي المراد بالناس هاهنا أربعة أقوال . أحدها : أنهم جميع العرب غير الخمس ، ويدل عليه حديث عائشة ، وهو قول عروة ، ومجاهد ، وقتادة . والثاني : أن المراد بالناس هاهنا : إبراهيم الخليل ، عليه السلام ، قاله الضحاك بن مزاحم . والثالث : أن المراد بالناس آدم ، قاله الزهري . وقد قرأ أبو المتوكل ، وأبو نهيك ، ومورَّق العجلي : « الناسي » باثبات الياء . والرابع : أنهم أهل اليمن وربيعة ، فانهم كانوا يفيضون من عرفات ، قاله مقاتل . وفي المخاطبين بذلك قولان . أحدهما : أنه خطاب لقريش ، وهو قول الجمهور . والثاني أنه خطاب لجميع المسلمين ، وهو يخرج على قول من قال : الناس آدم ، أو إبراهيم . والإفاضة هاهنا على ما يقتضيه ظاهر اللفظ : هي الإفاضة من المزدلفة إلى منى صبيحة النحر ، إلا أن جمهور المفسرين على أنها الإفاضة من عرفات ، فظاهر الكلام لا يقتضي ذلك ، كيف يقال : { فاذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله } ثم أفيضوا من عرفات ؟ غير أني أقول : وجه الكلام على ما قال أهل التفسير : أن فيه تقديماً وتأخيراً ، تقديره : ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ، فاذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله . و « الغفور » : من أسماء الله ، عز وجل ، وهو من قولك : غفرت الشيء : إذا غطيته ، فكأن الغفور هو الساتر لعبده برحمته ، أو الساتر لذنوب عباده . والغفور : هو الذي يكثر المغفرة ، لأن بناء المفعول للمبالغة من الكثرة ، كقولك : صبور ، وضروب ، وأكول .