Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 217-217)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يسئلونك عن الشهر الحرامِ قتالٍ فيه } روى جندب بن عبد الله " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعث رهطاً واستعمل عليهم أبا عبيدة ، فلما انطلق ليتوجه بكى صبابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبعث مكانه عبد الله بن جحش ، وكتب له كتاباً ، وأمره ألا يقرأه إلا بمكان كذا وكذا ، وقال : « لا تكرهنَّ أحداً من أصحابك على المسير معك » " فلما صار إِلى المكان ، قرأ الكتاب واسترجع ، وقال : سمعاً [ وطاعة لأمر ] الله ولرسوله [ فخبرهم الخبر ، وقرأ عليهم الكتاب ] ، فرجع رجلان من أصحابه ، ومضى بقيتهم ، فأتوا ابن الحضرمي فقتلوه ، فلم يدروا ذلك اليوم ، أمِن رجب ، أو من جمادى الآخرة ؟ فقال المشركون [ للمسلمين ] : قتلتم في الشهر الحرام [ فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فحدثوه الحديث ] فنزلت هذه الآية ، فقال بعض المسلمين : لئن كان أصابهم خير فما لهم أجر فنزلت : { إن الذين آمنوا والذين هاجروا } إلى قوله : { رحيم } [ البقرة : 218 ] قال الزهري : اسم ابن الحضرمي : عمرو ، واسم الذي قتله عبد الله بن واقد الليثي . قال ابن عباس : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، يظنون تلك الليلة من جمادى ، وكانت أول رجب . وقد روى عطيّة عن ابن عباس أنها نزلت في شيئين . أحدهما : هذا . والثاني : دخول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، مكة في شهر حرام يوم الفتح ، حين عاب المشركون عليه القتال في شهر حرام . وفي السائلين النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك قولان . أحدهما : أنهم المسلمون سألوه : هل أخطؤوا أم أصابوا ، قاله ابن عباس ، وعكرمة ومقاتل . والثاني : أنهم المشركون سألوه على وجه العيب على المسلمين ، قاله الحسن وعروة ، ومجاهد . والشهر الحرام : شهر رجب ، وكان يدعى الأصم ، لأنه لم يكن يسمع فيه للسلاح قعقعة تعظيماً له { قتال فيه } أي : يسألونك عن قتال فيه . { قل : قتال فيه كبير } قال ابن مسعود وابن عباس : لا يحِل . قال القاضي أبو يعلى : كان أهل الجاهلية يعتقدون تحريم القتال في هذه الأشهر ، فأعلمهم الله تعالى في هذه الآية ببقاء التحريم . فصل اختلف العلماء في تحريم القتال في الأشهر الحرم : هل هو باق أم نسخ ؟ على قولين . أحدهما : أنه باقٍ . روى ابن جريج أن عطاء كان يحلف بالله : ما يحل للناس الآن أن يغزوا في الحرم ، ولا في الأشهر الحرم ، إلا أن يقاتلوا فيه أو يغزوا ، وما نسخت . والثاني : أنه منسوخ ، قال سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار : القتال جائز في الشهر الحرام ، هذه الآية منسوخة بقوله تعالى : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } [ التوبة : 5 ] وبقوله تعالى : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } [ التوبة : 19 ] وهذا قول فقهاء الأمصار . قوله تعالى : { وصدٌ عن سبيل الله } هو مرفوع بالابتداء ، وخبر هذه الأشياء : { أكبرُ عند الله } . وفي المراد بـ « سبيل الله » هاهنا قولان . أحدهما : أنه الحج ، لأنهم صدوا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، عن مكة . قاله ابن عباس والسدي عن أشياخه . والثاني : أنه الإسلام ، قاله مقاتل . وفي هاء الكناية في قوله : { وكفرٌ به } قولان أحدهما : أنها ترجع إلى الله تعالى ، قاله السدي عن أشياخه ، وقتادة ، ومقاتل ، وابن قتيبة ، والثاني : أنها تعود إلى السبيل . قاله ابن عباس . قال ابن قتيبة : وخفض « المسجدِ الحرام » نسقاً على قوله : { سبيل الله } كأنه قال : وصد عن سبيل الله ، وعن المسجد الحرام . قوله تعالى : { وإِخراج أهله منه } لما آذوا رسول الله وأصحابه ؛ اضطروهم إلى الخروج فكأنهم أخرجوهم ، فأعلمهم الله أن هذه الأفعال أعظم من قتل كل كافر . « والفتنة » هاهنا بمعنى الشرك . قاله ابن عمر ، وابن عباس ، ومجاهد ، وابن جبير ، وقتادة ، والجماعة . والفتنة في القرآن على وجوه كثيرة ، قد ذكرتها في كتاب « النظائر » { ولا يزالون } يعني : الكفار { يقاتلونكم } يعني : المسلمين . و { حبطت } بمعنى : بطلت .