Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 223-223)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { نساؤكم حرث لكم } في سبب نزولها ثلاثة أقوال . أحدها : أن اليهود أنكرت جواز إتيان المرأة إلا من بين يديها ، وعابت من يأتيها على غير تلك الصفة ، فنزلت هذه الآية . روي عن جابر ، والحسن ، وقتادة . والثاني : أن حياً من قريش كانوا يتزوجون النساء بمكة ، ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ، فلما قدموا المدينة ، تزوجوا من الأنصار ، فذهبوا ليفعلوا ذلك ، فأنكرنه ، وانتهى الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية . رواه مجاهد عن ابن عباس . والثالث : أن عمر بن الخطاب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : هلكت ، حولت رحلي الليلة ، فنزلت هذه الآية . رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس ، والحرث : المزدرع ، وكنى به هاهنا عن الجماع ، . فسماهن حرثاً ، لأنهن مزدرع الأولاد ، كالأرض للزرع ، فان قيل : النساء جمع ، فلم لم يقل : حروث ؟ فعنه ثلاثة أجوبة ، ذكرها ابن القاسم الأنباري النحوي . أحدها : أن يكون الحرث مصدراً في موضع الجمع ، فلزمه التوحيد ، كما تقول العرب : إخوتك صوم ، وأولادك فطر ، يريدون : صائمين ومفطرين ، فيؤدي المصدر بتوحيده عن اللفظ المجموع . والثاني : أن يكون أراد : حروث لكم ، فاكتفى بالواحد من الجمع ، كما قال الشاعر : @ كلوا في نصف بطنكُم تعيشوا @@ أي : في أنصاف بطونكم . والثالث : أنه إنما وحَّد الحرث ، لأن النساء شبهن به ، ولسن من جنسه ، والمعنى : نساؤكم مثل حروث لكم . قوله تعالى : { أنى شئتم } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أنه بمعنى : كيف شئتم ، ثم فيه قولان . أحدهما : أن المعنى : كيف شئتم ، مقبلة أو مدبرة ، وعلى كل حال ، إذا كان الإتيان في الفرج . وهذا قول ابن عباس ، ومجاهد ، وعطية ، والسدي ، وابن قتيبة في آخرين . والثاني : أنها نزلت في العزل . قاله سعيد بن المسيب ، فيكون المعنى : إن شئتم فاعزلوا ، وإن شئتم فلا تعزلوا . والقول الثاني : أنه بمعنى إن شئتم ، ومتى شئتم ، وهو قول ابن الحنفية والضحاك ، وروي عن ابن عباس أيضاً . والثالث : أنه بمعنى : حيث شئتم ، وهذا محكي عن ابن عمر ومالك بن أنس ، وهو فاسِد من وجوه ، أحدها : أن سالم بن عبد الله لما بلغه أن نافعاً تحدث بذلك عن ابن عمر ، قال : كذب العبد ، إنما قال عبد الله : يؤتون في فروجهن من أدبارهن . وأما أصحاب مالك ، فانهم ينكرون صحته عن مالك ، والثاني : أن أبا هريرة روى عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " ملعون من أتى النساء في أدبارهن " فدل على أن الآية لا يراد بها هذا . والثالث : أن الآية نبهت على أنه محل الولد بقوله : { فأتوا حرثكم } وموضع الزرع : هو مكان الولد ، قال ابن الأنباري : لما نصَّ الله على ذكر الحرث ، والحرث به يكون النبات ، والولد مشبَّه بالنبات ؛ لم يجز أن يقع الوطء في محل لا يكون منه ولد . والرابع : أن تحريم إتيان الحائض كان لعلة الأذى ، والأذى ملازم لهذا المحل لا يفارقه . قوله تعالى : { وقدّموا لأنفسكم } فيه أربعة أقوال . أحدها : أن معناه : وقدموا لأنفسكم من العمل الصالح ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : وقدموا التسمية عند الجماع ، رواه عطاء عن ابن عباس . والثالث : وقدموا لأنفسكم في طلب الولد ، قاله مقاتل . والرابع : وقدّموا طاعة الله واتباع أمره ، قاله الزجاج .