Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 238-238)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { حافظوا على الصلوات } المحافظة : المواظبة والمداومة ، والصلوات بالألف واللام ينصرف إلى المعهود ، والمراد : الصلوات الخمس . قوله تعالى : { والصلاة الوسطى } قال الزجاج : هذه الواو إذا جاءت مخصصة ، فهي دالة على فضل الذي تخصصه ، كقوله تعالى : { وجبريل وميكال } [ البقرة : 97 ] قال سعيد بن المسيب : كان أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في الصلاة الوسطى هكذا ، وشبك بين أصابعه . ثم فيها خمسة أقوال . أحدها : أنها العصر ، روى مسلم في « أفراده » من حديث عليّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال يوم الأحزاب : " شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً " وروى ابن مسعود ، وسمرة ، وعائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنها صلاة العصر . وروى مسلم في « أفراده » من حديث البراء بن عازب قال : نزلت هذه الآية { حافظوا على الصلوات [ والصلاة الوسطى ] وصلاة العصر } فقرأناها ما شاء الله ، ثم نسخها الله ، فنزلت : { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } وهذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وابن مسعود ، وأبيّ أيوب ، وابن عمر في رواية ، وسمرة بن جندب ، وأبي هريرة ، وابن عباس ، في رواية عطية ، وأبي سعيد الخدري ، وعائشة في رواية ، وحفصة ، والحسن ، وسعيد ابن المسيب ، وسعيد بن جبير ، وعطاء في رواية ، وطاووس ، والضحاك ، والنخعي ، وعبيد بن عمير ، وزرّ بن حبيش ، وقتادة ، وأبي حنيفة ، ومقاتل في آخرين ، وهو مذهب أصحابنا . والثاني : أنها الفجر ، روي عن عمر ، وعليّ في رواية ، وأبي موسى ، ومعاذ ، وجابر بن عبد الله ، وأبي أُمامة ، وابن عمر في رواية مجاهد ، وزيد بن أسلم ، وابن عباس في رواية أبي رجاء العطاردي ، وعكرمة ، وجابر بن زيد ، وأنس بن مالك ، وعطاء ، وعكرمة ، وطاووس في رواية ابنه ، وعبد الله بن شداد ، ومجاهد ، ومالك ، والشافعي . وروى أبو العالية قال : صليت مع أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ؛ الغداة فقلت لهم : أيما الصلاة الوسطى ؟ فقالوا : التي صليت قبل . والثالث : أنها الظهر ، روي عن ابن عمر ، وزيد بن ثابت ، وأسامة بن زيد ، وأبي سعيد الخدري ، وعائشة في رواية ، وروى ضميرة عن عليّ رضي الله عنه قال : هي صلاة الجمعة ، وهي سائر الأيام الظهر . والرابع : أنها المغرب ، روي عن ابن عباس ، وقبيصة بن ذؤيب . والخامس : أنها العشاء الأخيرة ، ذكره علي بن أحمد النيسابوري في « تفسيره » . وفي المراد بالوسطى ثلاثة أقوال . أحدها : أنها أوسط الصلوات محلاً . والثاني : أوسطها مقداراً . والثالث : أفضلها . ووسط الشيء : خيره وأعدله ، ومنه قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } [ البقرة : 142 ] فان قلنا : إن الوسطى بمعنى : الفضلى ، جاز أن يدّعي هذا كل ذي مذهب فيها . وإن قلنا : إنها أوسطها مقداراً ، فهي المغرب ، لأن أقل المفروضات ركعتان ، وأكثرها أربعاً . وإن قلنا : إنها أوسطها محلاً ، فللقائلين : إنها العصر أن يقولوا : قبلها صلاتان في النهار ، وبعدها صلاتان في الليل ، فهي الوسطى . ومن قال : هي الفجر ، فقال عكرمة : هي وسط بين الليل والنهار ، وكذلك قال ابن الأنباري : هي وسط بين الليل والنهار ، وقال : وسمعت أبا العباس يعني ، ثعلباً يقول : النهار عند العرب أوله : طلوع الشمس . قال ابن الأنباري : فعلى هذا صلاة الصبح من صلاة الليل ، قال : وقال آخرون : بل هي من صلاة النهار ، لأن أول وقتها أول وقت الصوم . قال : والصواب عندنا أن نقول : الليل المحض خاتمته طلوع الفجر ، والنهار المحض أوله : طلوع الشمس ، والذي بين طلوع الفجر ، وطلوع الشمس يجوز أن يسمى نهاراً ، ويجوز أن يسمى ليلاً ، لما يوجد فيه من الظلمة والضوء ، فهذا قول يصح به المذهبان . قال ابن الأنباري : ومن قال : هي الظهر ، قال : هي وسط النهار . فأما من قال : هي المغرب ، فاحتج بأن أول صلاة فرضت ، الظهر ، فصارت المغرب وسطى ، ومن قال : هي العشاء ، فإنه قال : هي بين صلاتين لا تقصران . قوله تعالى : { وقوموا لله قانتين } المراد بالقيام هاهنا : القيام في الصلاة ، فأما القنوت ، فقد شرحناه فيما تقدم . وفي المراد به هاهنا ثلاثة أقوال . أحدها : أنه الطاعة ، قاله ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وابن جبير ، والشعبي ، وطاووس ، والضحاك ، وقتادة في آخرين . والثاني : أنه طول القيام في الصلاة ، روي عن ابن عمر ، والربيع بن أنس . وعن عطاء كالقولين . والثالث : أنه الإمساك عن الكلام في الصلاة . قال زيد بن أرقم : كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت الآية { وقوموا لله قانتين } فأمرنا بالسكوت [ ونهينا عن الكلام ] .