Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 105-114)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ويسألونك عن الجبال } سبب نزولها أن رجالاً من ثقيف أتَوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا يا محمد : كيف تكون الجبال يوم القيامة ؟ فنزلت هذه الآية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . قوله تعالى : { فقل ينسفها ربي نسفاً } قال المفسرون : النسف : التذرية . والمعنى : يصيِّرها رِمالاً تسيل سيلاً . ثم يصيِّرها كالصوف المنفوش ، تطيِّرها الرياح فتستأصلها { فيذرها } أي : يدَع أماكنها من الأرض إِذا نسفها { قاعاً } قال ابن قتيبة : القاع من الأرض : المستوي الذي يعلوه الماء ، والصفصف : المستوي أيضاً ، يريد : أنه لا نبت فيها . قوله تعالى : { لا ترى فيها عِوَجاً ولا أَمْتاً } في ذلك ثلاثة أقوال . أحدها : أن المراد بالعِوَج : الأودية ، وبالأمَتْ : الرَّوابي ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وكذلك قال مجاهد : العِوَج : الانخفاض ، والأمَتْ : الارتفاع ، وهذا مذهب الحسن . وقال ابن قتيبة : الأمَتْ : النَّبَك . والثاني : أن العِوَج : المَيْل ، والأَمْت : الأثَرَ مثل الشِّراك ، رواه العوفي عن ابن عباس . والثالث : أن العِوَج : الصدع ، والأَمْت : الأَكَمة . قوله تعالى : { يومئذ يَتَّبعون الداعي } قال الفراء : أي : يتَّبعون صوت الداعي للحشر ، لا عِوَج لهم عن دعائه : لا يقدرون أن لا يتَّبِعوا . قوله تعالى : { وخَشَعَت الأصوات } أي : سكنت وخفيت { فلا تَسْمَعُ إِلاّ هَمْساً } وفيه ثلاثة أقوال . أَحدها : وطْء الأقدام ، رواه العوفي عن ابن عباس ، وبه قال الحسن ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، ومجاهد في رواية ، واختاره الفراء ، والزجاج . والثاني : تحريك الشفاه بغير نطق ، رواه سعيد بن جيير عن ابن عباس . والثالث : الكلام الخفيّ ، روي عن مجاهد . وقال أبو عبيدة : الصوت الخفيّ . قوله تعالى : { يومئذ لا تَنْفَع الشفاعة } يعني : لا تنفع أحداً { إِلا من أَذِنَ له الرحمن } أي : إِلا شفاعة من أَذِن له الرحمن ، أي : أَذِن أن يُشْفَع له ، { ورضي له قولاً } أي : ورضي للمشفوع فيه قولاً ، وهو الذي كان في الدنيا من أهل « لا إِله إِلا الله » . { يعلم ما بين أيديهم } الكناية راجعة إِلى الذين يتَّبعون الداعي . وقد شرحنا هذه الآية في سورة [ البقرة : 255 ] . وفي هاء « به » قولان . أحدهما : أنها ترجع إِلى الله تعالى ، قاله مقاتل . والثاني : إِلى « ما بين أيديهم وما خلفهم » ، قاله ابن السائب . قوله تعالى : { وعَنَتِ الوجوه } قال الزجاج : « عَنَتْ » في اللغة : خضعت ، يقال : عنا يعنو : إِذا خضع ، ومنه قيل : أُخِذتْ البلاد عَنْوَةً : إِذا أُخذتْ غَلَبة ، وأُخذتْ بخضوع من أهلها . والمفسرون : على أن هذا في يوم القيامة ، إِلا ما روي عن طلق بن حبيب : هو وضع الجبهة والأنف والكفّين والرُّكبتين وأطراف القدمين على الأرض للسجود . وقد شرحنا في آيةالكرسي معنى { الحي القيوم } [ البقرة : 255 ] . قوله تعالى : { وقد خاب مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } قال ابن عباس : خَسِر من أشرك بالله . قوله تعالى : { ومَن يعملْ مِنَ الصالحات وهو مؤمن } « مِنْ » هاهنا للجنس . وإِنما شرط الإِيمان ، لأن غير المؤمن لا يُقبَل عملُه ، ولا يكون صالحاً ، { فلا يخاف } أي : فهو لا يخاف . وقرأ ابن كثير : « فلا يَخَفْ » على النهي . قوله تعالى : { ظُلْماً ولا هَضماً } فيه أربعة أقوال . أحدها : لا يخاف أن يُظلَم فيُزاد في سيِّئاته ، ولا أن يُهضَم من حسناته ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس . والثاني : لا يخاف أن يُظلَم فيزاد من ذَنْب غيره ، ولا أن يُهضم من حسناته ، قاله قتادة . والثالث : أن لا يخاف أن يؤاخَذ بما لم يعمل ، ولا يُنتقص من عمله الصالح ، قاله الضحاك . والرابع : لا يخاف أن لا يُجزَى بعمله ، ولا أن يُنقَص من حَقِّه ، قاله ابن زيد . قال اللغويون : الهَضْم : النَّقْص ، تقول العرب : هضمتُ لك من حَقِّي ، أي : حَطَطْتُ ، ومنه : فلان هضيم الكَشْحَيْن ، أي : ضامر الجنبين ، ويقال : هذا شيء يهضم الطعام ، أي : ينقص ثِقْله . وفرق بعض المفسرين بين الظُّلم والهَضْم ، فقال : الظُّلم : منع الحق كلِّه ، والهضم : منع البعض ، وإِن كان ظُلْماً أيضاً . قوله تعالى : { وكذلك أنزلناه } أي : وكما بيَّنَّا في هذه السورة ، أنزلناه ، أي : أنزلنا هذا الكتاب { قرآناً عربيّاً وصرَّفنا فيه من الوعيد } أي : بيَّنَّا فيه ضروب الوعيد . قال قتادة : يعني : وقائعه في الأمم المكذِّبة . قوله تعالى : { لعلَّهم يَتَّقون } أي : ليكون سبباً لاتِّقائهم الشرك بالاتِّعاظ بِمَنْ قبلهم { أو يُحْدِثُ لهم } أي : يجدِّد لهم القرآن ، وقيل : الوعيد { ذِكْراً } أي : اعتباراً ، فيتذكَّروا به عِقاب الأمم ، فيعتبروا . وقرأ ابن مسعود ، وعاصم الجحدري : « أو نُحْدِثُ » بنون مرفوعة . قوله تعالى : { فتعالى الله } أي : جَلَّ عن إِلحاد الملحِدين وقول المشركين في صفاته ، { المَلِكُ } الذي بيده كلُّ شيء ، { الحَقُّ } وقد ذكرناه في [ يونس : 32 ] . قوله تعالى : { ولا تَعْجَل بالقرآن } في سبب نزولها قولان . أحدهما : أن جبريل كان يأتي النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالسورة والآي فيتلوها عليه ، فلا يفرغ جبريل من آخرها حتى يتكلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأولها مخافة أن ينساها ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : أن رجلاً لطم امرأته ، فجاءت إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تطلب القصاص ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما القصاص ، فنزلت هذه الآية ، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل قوله تعالى { الرجال قوامون على النساء } [ النساء 34 ] ، قاله الحسن البصري . قوله تعالى : { مِنْ قَبْلِ أن يُقضى إِليكَ وَحْيُه } وقرأ ابن مسعود ، والحسن ، ويعقوب : « نَقْضِيَ » بالنون وكسر الضاد وفتح الياء « وَحْيَه » بنصب الياء . وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال . أحدها : لا تعجل بتلاوته قبل أن يفرغ جبريل من تلاوته تخاف نسيانه ، هذا على القول الأول . والثاني : لا تُقرىء أصحابك حتى نبيِّن لك معانيه ، قاله مجاهد ، وقتادة . والثالث : لا تسأل إِنزاله قبل أن يأتيك الوحي ، ذكره الماوردي . قوله تعالى : { وقل ربِّ زِدْنِي عِلْماً } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : زِدْني قرآناً ، قاله مقاتل . والثاني : فهماً . والثالث : حفظاً ، ذكرهما الثعلبي .