Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 65-73)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { بل ألقوا } قال ابن الأنباري : دخلت « بل » لمعنى : جحد في الآية الأولى ، لأن الآية الأولى إِذا تُؤمِّلتْ وُجِدتْ مشتملة على : إِما أن تلقي ، وإِما أن لا تلقي . قوله تعالى : { وعِصِيُّهم } قرأ الحسن ، وأبو رجاء العطاردي ، وأبو عمران الجوني ، وأبو الجوزاء : « وعُصيُّهم » برفع العين . قوله تعالى : { يُخيَّل إِليه } وقرأ أبو رزين العقيلي ، وأبو عبد الرحمن السُّلَمي ، والحسن ، وقتادة ، والزهري ، وابن أبي عبلة : « تُخيَّلُ » بالتاء ، « إِليه » أي : إِلى موسى . يقال : خُيِّل إِليه : إِذا شُبِّه له . وقد استدل قوم بهذه الآية على أن السحر ليس بشيء . وقال : إِنما خيِّل إِلى موسى ، فالجواب : أنا لا ننكر أن يكون ما رآه موسى تخييلاً ، وليس بحقيقة ، فإنه من الجائز أن يكونوا تركوا الزئبق في سلوخ الحيات حتى جرت ، وليس ذلك بحيَّات ، فأما السحر ، فإنه يؤثِّر ، وهو أنواع . وقد سُحِرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى أثر فيه ، ولعن العاضهة ، وهي الساحرة . قوله تعالى : { فأوجس في نفسه خيفةً موسى } قال ابن قتيبة : أضمر في نفسه خوفاً . وقال الزجاج : أصلها « خِوفة » ولكن الواو قلبت ياءً لانكسار ما قبلها . وفي خوفه قولان . أحدهما : أنه خوف الطبع البشري . والثاني : أنه لما رأى سحرهم من جنس ما أراهم في العصى ، خاف أن يلتبس على الناس أمره ، ولا يؤمنوا ، فقيل له : { لا تخف إِنك أنت الأعلى } عليهم بالظَّفَر والغَلَبة . وهذا أصح من الأول . قوله تعالى : { وَأَلْقِ ما في يمينك } يعني : العصا { تلقفْ } وقرأ ابن عامر : « تلقَّفُ ما » برفع الفاء وتشديد القاف . وروى حفص عن عاصم : « تلقف » خفيفة . وكان ابن كثير يشدِّد التاء من « تلقف » يريد : « تتلقف » . وقرأ ابن مسعود ، وأُبَيُّ بن كعب ، وسعيد بن جبير ، وأبو رجاء : « تلقم » بالميم . وقد شرحناها في [ الأعراف : 117 ] ، { إِنما صنعوا كيدُ ساحر } قرأ حمزة ، والكسائى ، وخلف : « كيد سحر » . وقرأ الباقون : « كيد ساحر » بألف ، والمعنى : إِن الذي صنعوا كيد ساحر ، أي : عمل ساحر . وقرأ ابن مسعود ، وأبو عمران الجوني : « إِنما صنعوا كيدَ » بنصب الدال . { ولا يفلح الساحر } قال ابن عباس : لا يسعد حيثما كان . وقيل : لا يفوز . وروى جندب بن عبد الله البجلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أخذتم الساحر فاقتلوه ، ثم قرأ { ولا يفلح الساحر حيث أتى } ، قال : لا يأمن حيث وجد " . قوله تعالى : { قال آمنتم له } قرأ ابن كثير ، وحفص عن عاصم ، وورش عن نافع : « آمنتم له » على لفظ الخبر . وقرأ نافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر : « آمنتم له » بهمزة ممدودة . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم : « أآمنتم له » بهمزتين الثانية ممدودة . قوله تعالى : { إِنه لكبيركم } قال ابن عباس : يريد معلِّمكم . قال الكسائي : الصبي بالحجاز إِذا جاء من عند معلِّمه ، قال : جئت من عند كبيري . قوله تعالى : { ولأصلبنَّكم في جذوع النخل } « في » بمعنى « على » ، ومثله : { أم لهم سُلَّم يستمعون فيه } [ الطور : 38 ] . { ولتعلمُنَّ } أيُّها السحرة { أيُّنا أشدُّ عذاباً } لكم { وأبقى } أي : أدوَم ، أنا على إِيمانكم ، أو ربُّ موسى على تركهم الإِيمان به ؟ { قالوا لن نؤثرك } أي : لن نختارك { على ما جاءنا من البينات } يعنون اليد والعصى . فإن قيل : لم نسبوا الآيات إِلى أنفسهم بقولهم : « جاءنا » وإِنما جاءت عامة لهم ولغيرهم . فالجواب : أنهم لما كانوا بأبواب السحر ومذاهب الاحتيال أعرف من غيرهم ، وقد علموا أن ما جاء به موسى ليس بسحر ، كان ذلك في حق غيرهم أبْيَن وأوضح ، وكانوا هم لمعرفته أخص . وفي قوله تعالى : { والذي فطرنا } وجهان ذكرهما الفراء ، والزجاج . أحدهما : أن المعنى : لن نؤثرك على ماجاءنا من البينات ، وعلى الذي فطرنا . والثاني : أنه قسم ، تقديره : وحقِّ الذي فطرنا . قوله تعالى : { فاقض ما أنت قاض } أي : فاصنع ما أنت صانع . وأصل القضاء : عمل باحكام { إِنما تقضي هذه الحياة الدنيا } قال الفراء : « إِنما » حرف واحد ، فلهذا نصب : « الحياة الدنيا » . ولو قرأ قارىء برفع « الحياة » لجاز ، على أن يجعل « ما » في مذهب « الذي » ، كقولك : إِن الذي تقضي هذه الحياة الدنيا . وقرأ ابن أبي عبلة ، وأبو المتوكل : « إِنما تُقضى » بضم التاء على مالم يُسمَّ فاعله ، « الحياةُ » برفع التاء . قال المفسرون : والمعنى : إِنما سلطانك وملكك في هذه الدنيا ، لا في الآخرة . قوله تعالى : { ليغفر لنا } يعنون الشرك { وما أكرهتنا عليه } أي : والذي أكرهتنا عليه ، أي : ويغفر لنا إِكراهك إِيَّانا على السحر . فإن قيل : كيف قالوا : أكرهتنا ، وقد قالوا : « أإِن لنا لأجراً » ، وفي هذا دليل على أنهم فعلوا السحر غير مكرهين ؟ فعنه أربعة أجوبة . أحدها : أن فرعون كان يكره الناس على تعلّم السِّحر ، قاله ابن عباس . قال ابن الأنباري : كان يطالب بعض أهل مملكته بأن يعلِّموا أولادهم السحر وهم لذلك كارهون ، وذلك لشغفه بالسحر ، ولما خامر قلبه من خوف موسى ، فالإِكراه على السحر ، هو الإِكراه على تعلُّمه في أول الأمر . والثاني : أن السحرة لما شاهدوا موسى بعد قولهم : « أئن لنا لأجراً » ورأوا ذكرَه الله تعالى وسلوكه منهاج المتقين ، جزعوا من ملاقاته بالسحر ، وحذروا أن يظهر عليهم فيطَّلع على ضعف صناعتهم ، فتفسد معيشتهم ، فلم يقنع فرعون منهم إِلا بمعارضة موسى ، فكان هذا هو الإِكراه على السحر . والثالث : أنهم خافوا أن يُغلَبوا في ذلك الجمع ، فيقدح ذلك في صنعتهم عند الملوك والسُّوَق ، وأكرههم فرعون على فعل السحر . والرابع : أن فرعون أكرههم على مفارقة أوطانهم ، وكان سبب ذلك السحر ، ذكره هذه الأقوال ابن الأنباري . قوله تعالى : { والله خير } أي : خير منك ثواباً إِذا أُطيع { وأبقى } عقاباً إِذا عُصي ، وهذا جواب قوله : « ولتعلمُنَّ أيُّنا أشد عذاباً وأبقى » ؛ وهذا آخر الإِخبار عن السحرة .