Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 51-58)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ولقد آتينا إِبراهيم رُشْدَهُ } أي : هُداه { مِنْ قَبْلُ } وفيه ثلاثة أقوال . أحدها : من قبل بلوغه ، قاله أبو صالح عن ابن عباس . والثاني : آتيناه ذلك في العِلْم السابق ، قاله الضحاك عن ابن عباس . والثالث : مِنْ قَبْل موسى وهارون ، قاله الضحاك . وقد أشرنا إِلى قصة إِبراهيم في [ الأنعام : 75 ] . قوله تعالى : { وكُنَّا به عالِمين } أي : علمنا أنه موضع لإِيتاء الرُّشد . ثم بيَّن متى آتاه فقال : { إِذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل } يعني : الأصنام . والتمثال : اسم للشيء المصنوع مشبَّهاً بِخَلْق من خَلْق الله تعالى ، وأصله من مثَّلث الشيء بالشيء : إِذا شبَّهته به . وقوله : { التي أنتم لها } أي : على عبادتها { عاكفون } أي : مقيمون ، فأجابوه أنهم رأوا آباءهم يعبدونها فاقتدَوا بهم ، فأجابهم بأنهم فيما فعلوا وآباءَهم في ضلال مبين ، { قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين } يعنون : أجادٌّ أنتَ ، أم لاعب ؟ ! قوله تعالى : { لأكيدنَّ أصنامكم } الكيد : احتيال الكائد في ضرّ المكيد . والمفسرون يقولون : لأكيدنها بالكسر { بعد أن تُوَلُّوا } أي : تذهبوا عنها ، وكان لهم عيد في كل سنة يخرجون إِليه ولا يخلِّفون بالمدينة أحداً ، فقالوا لإِبراهيم : لو خرجتَ معنا إِلى عيدنا أعجبكَ دِيننا ، فخرج معهم ، فلما كان ببعض الطريق ، قال : إِني سقيم ، وألقى نفسه ، وقال سِرّاً منهم : « وتالله لأكيدنَّ أصنامكم » ، فسمعه رجل منهم ، فأفشاه عليه ، فرجع إِلى بيت الأصنام ، وكانت فيما ذكره مقاتل بن سليمان اثنين وسبعين صنماً من ذهب وفضة ونحاس وحديد وخشب ، فكسرها ، ثم وضع الفأس في عنق الصنم الكبير ، فذلك قوله : { فجعلهم جُذاذاً } قرأ الأكثرون : « جُذاذاً » بضم الجيم . وقرأ أبو بكر الصدّيق ، وابن مسعود ، وأبو رزين ، وقتادة ، وابن محيصن ، والأعمش ، والكسائي : « جِذاذاً » بكسر الجيم . وقرأ أبو رجاء العطاردي ، وأيوب السختياني ، وعاصم الجحدري : « جَذاذاً » بفتح الجيم . وقرأ الضحاك ، وابن يعمر : « جَذذاً » بفتح الجيم من غير ألف . وقرأ معاذ القارىء ، وأبو حيوة ، وابن وثَّاب : « جُذذاً » بضم الجيم من غير ألف . قال أبو عبيدة : أي : مستأصَلين ، قال جرير : @ بَني المهلَّب جَذَّ اللهُ دَابِرَهُم أَمْسَوْا رَمَاداً فلا أصلٌ ولا طَرَفُ @@ أي : لم يَبْقَ منهم شيء ، ولفظ « جُذاذ » يقع على الواحد والاثنين والجميع من المذكَّر والمؤنَّث . وقال ابن قتيبة : « جُذاذاً » أي : فُتاتاً ، وكلُّ شيء كسرتَه فقد جَذَذْتَه ، ومنه قيل للسَّويق : الجذيذ . وقرأ الكسائي : « جِذاذاً » بكسر الجيم على أنه جمع جَذيذ ، مثل ثَقيل وثِقال ، وخَفيف وخِفاف . والجذيذ بمعنى : المجذوذ ، وهو المكسور . { إِلا كبيراً لهم } أي : كسر الأصنامَ إِلا أكبرها . قال الزجاج : جائز أن يكون أكبرها في ذاته ، وجائز أن يكون أكبرها عندهم في تعظيمهم إِياه ، { لعلَّهم إِليه يَرْجِعون } ، في هاء الكناية قولان . أحدهما : أنها ترجع إِلى الصنم . ثم فيه قولان . أحدهما : لعلهم يرجعون إِليه فيشاهدونه ، هذا قول مقاتل . والثاني : لعلهم يرجعون إِليه بالتهمة ، حكاه أبو سليمان الدمشقي . والثاني : أنها ترجع إِلى إِبراهيم . والمعنى : لعلهم يرجعون إِلى دين إِبراهيم بوجوب الحُجَّة عليهم ، قاله الزجاج .