Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 1-4)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فصل في نزولها روى أبو صالح عن ابن عباس أنها مكية كلُّها ، غير آيتين نزلتا بالمدينة : قوله تعالى : { ومن الناس من يعبد الله على حرف } والتي تليها [ الحج : 13 ، 12 ] . وفي رواية أخرى عن ابن عباس أنها مدنية إِلا أربع آيات نزلت بمكة ، وهي قوله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول … } إِلى آخر الأربع [ الحج : 53 - 57 ] . وقال عطاء بن يسار : نزلت بمكة إِلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة : { هذان خصمان } واللتان بعدها [ الحج : 20 - 22 ] . وقال أبو سليمان الدمشقي : أولها مدني إِلى قوله تعالى : { وبشر المحسنين } [ الحج : 38 ] وسائرها مكي . وقال الثعلبي : هي مكية غير ست آيات نزلت بالمدينة ، وهي قوله تعالى : { هذان خصمان } [ الحج : 20 ] إِلى قوله تعالى : { الحميد } [ الحج : 25 ] . وقال هبة الله بن سلامة : هي من أعاجيب سور القرآن ، لأن فيها مكياً ، ومدنياً ، وحضرياً ، وسفرياً ، وحربياً ، وسلمياً ، وليلياً ، ونهارياً ، وناسخاً ، ومنسوخاً . فأما المكي ، فمن رأس الثلاثين منها إِلى آخرها . وأما المدني ، فمن رأس خمس وعشرين إِلى رأس ثلاثين . وأما الليليُّ ، فمن أولها إِلى آخر خمس آيات . وأما النهاريُّ ، فمن رأس خمس [ آيات ] إِلى رأس تسع . وأما السفري ، فمن رأس تسع إِلى اثنتي عشرة . وأما الحضري ، فإلى رأس العشرين [ منها ] ، نسب إِلى المدينة ، لقرب مدَّته . قوله تعالى : { اتقوا ربكم } أي : احذروا عقابه { إِنَّ زلزلة الساعة } الزلزلة : الحركة على الحالة الهائلة . وفي وقت هذه الزلزلة قولان . أحدهما : أنها يوم القيامة بعد النشور . " روى عمران بن حصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأ : « إِن زلزلة الساعة شيء عظيم » وقال : تدرون أي يوم ذلك ؟ فإنه يوم ينادي الرَّبُّ عز وجل آدم عليه السلام : ابعث بعثاً إِلى النار " ، فذكر الحديث . وروى أبو سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى يوم القيامة لآدم : قم ، فابعث بعث النار ، فيقول : يا رب ، وما بعث النار ؟ قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إِلى النار ، فحينئذ يشيب المولود ، وتضع كل ذات حمل حملها " ، وقرأ الآية . وقال ابن عباس : زَلْزَلَةُ الساعة : قِيَامُها ، يعني أنها تُقارِب قيام الساعة ، وتكون معها . وقال الحسن ، والسدي : هذه الزلزلة تكون يوم القيامة . والثاني : أنها تكون في الدنيا قبل القيامة ، وهي من أشراط الساعة ، قاله علقمة ، والشعبي ، وابن جريج . وروى أبو العالية عن أُبَيِّ بن كعب ، قال ست آيات قبل القيامة ، بينما الناس في أسواقهم إِذ ذهب ضوء الشمس ، فبينما هم كذلك إِذ تناثرت النجوم ، فبينما هم كذلك إِذ وقعت الجبال على وجه الأرض ، فتحركت ، واضطربت ، ففزع الجن إِلى الإِنس ، والإِنس إِلى الجن ، واختلطت الدواب ، والطير ، والوحش ، فماج بعضهم في بعض ، فقالت الجن للإنس : نحن نأتيكم بالخبر ، فانطلقوا إِلى البحور ، فإذا هي نار تَأجَّج ، فبينما هم كذلك إِذ تصدَّعت الأرض إِلى الأرض السابعة ، والسماء إِلى السماء السابعة ، فينما هم كذلك إِذ جاءتهم الريح فماتوا . وقال مقاتل : هذه الزلزلة قبل النفخة الأولى ، وذلك أن منادياً ينادي من السماء : يا أيها الناس أتى أمر الله ، فيفزعون فزعاً شديداً فيشيب الصغير ، وتضع الحوامل . قوله تعالى : { شيء عظيم } أي : لا يوصف لعِظَمه . قوله تعالى : { يوم ترونها } يعني : الزلزلة { تذهل كل مرضعة عما أرضعت } فيه قولان . أحدهما : تسلو عن ولدها ، وتتركه ، قاله ابن قتيبة . والثاني : تُشْغَل عنه ، قاله قطرب ، ومنه قول ابن رواحة : @ ويذهل الخليل عن خليله @@ وقرأ أبو عمران الجوني ، وابن أبي عبلة : « تُذهِل » برفع التاء وكسر الهاء « كلَّ » بنصب اللام . قال الأخفش : وإِنما قال : « مرضعة » ، لأنه أراد والله أعلم الفعل ، ولو أراد الصفة فيما نرى ، لقال : « مرضع » . قال الحسن : تذهل المرضعة عن ولدها لغير فطام ، وتضع الحامل ما في بطنها لغير تمام ، وهذا يدل على أن الزلزلة تكون في الدنيا ، لأن بعد البعث لا تكون حبلى . قوله تعالى : { وتَرى الناس سُكارى } وقرأ عكرمة ، والضحاك ، وابن يعمر ، « وتُرى » بضم التاء . ومعنى « سكارى » : من شدة الخوف { وما هم بسُكارى } من الشراب ، والمعنى : ترى الناس كأنهم سكارى من ذهول عقولهم ، لشدة ما يمرُّ بهم ، يضطربون اضطراب السكران من الشراب . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وخلف : « سَكْرى وما هم بسَكْرى » وهي قراءة ابن مسعود . قال الفراء : وهو وجه جيد ، لأنه بمنزلة الهَلْكى والجَرْحى . وقرأ عكرمة ، والضحاك ، وابن السميفع : « سَكارى وما هم بسَكارى » بفتح السين والراء وإِثبات الألف ، { ولكن عذاب الله شديد } فيه دليل على أن سكرهم من خوف عذابه . قوله تعالى : { ومن الناس من يجادل في الله } قال المفسرون : نزلت في النضر بن الحارث . وفيما جادل فيه ثلاثة أقوال . أحدها : أنه كان كلَّما نزل شيء من القرآن كذَّب به ، قاله ابن عباس . والثاني : أنه زعم أن الملائكة بنات الله ، قاله مقاتل . والثالث : أنه قال : لا يقدر الله على إِحياء الموتى ، ذكره أبو سليمان الدمشقي . قوله تعالى : { بغير علم } أي : إِنما يقوله بإغواءِ الشيطان ، لا بعلم { ويتَّبع } ما يسوِّل له { كلَّ شيطانٍ مَريدٍ } وقد ذكرنا معنى « المريد » في سورة [ النساء : 117 ] . قوله تعالى : { كُتب عليه أَنَّه من تولاه } « كُتب » بمعنى : قُضي والهاء في « عليه » وفي « تولاه » كناية عن الشيطان . ومعنى الآية : قضي على الشيطان أَنَّه يُضِلُّ مَن اتَّبعه . وقرأ أبو عمران الجوني : « كَتب » بفتح الكاف « أنه » بفتح الهمزة [ « فإنه » بكسر الهمزة ] . وقرأ أبو مجلز ، وأبو العالية ، وابن أبي ليلى ، والضحاك ، وابن يعمر : « إِنه » « فإِنه » بكسر الهمزة فيهما . وقد بيَّنَّا معنى « السعير » في سورة [ النساء : 10 ] .