Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 5-7)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { يا أيها الناس } يعني : أهل مكة { إِن كنتم في ريب من البعث } أي : في شك من القيامة { فإنا خلقناكم من تراب } يعني : خَلْقَ آدم { ثم من نطفة } يعني : خَلْقَ ولده ، والمعنى : إِن شككتم في بعثكم فتدبَّروا أمر خلقكم وابتدائكم ، فإنكم لا تجدون في القدرة فرقاً بين الابتداء والاعادة . فأما النطفة ، فهي المني . والعلقة : دم عبيط جامد . وقيل سميت علقة لرطوبتها وتعلُّقها بما تمرُّ به ، فإذا جفَّت فليست علقةً . والمضغة : لحمة صغيرة . قال ابن قتيبة : وسميت بذلك ، لأنه بقدر ما يُمضغ ، كما قيل : غرفة لقدر ما يُغرَف . قوله تعالى : { مخلَّقةٍ وغيرِ مخلَّقةٍ } فيه خمسة أقوال . أحدها : أن المخلَّقة : ما خُلق سويّاً ، وغير المخلَّقة : ما ألقته الأرحام من النطف ، وهو دم قبل أن يكون خَلْقاً ، قاله ابن مسعود . والثاني : أن المخلَّقة : ما أُكمل خَلْقه بنفخ الروح فيه ، وهو الذي يولَد حيّاً لتمامٍ ، وغير المخلَّقة : ما سقط غير حيٍّ لم يكمل خَلْقُه بنفح الروح فيه ، هذا معنى قول ابن عباس . والثالث : أن المخلَّقة : المصوَّرة ، وغير المخلَّقة : غير مصوَّرة ، قاله الحسن . والرابع : أن المخلَّقة وغير المخلَّقة : السقط ، تارة يسقط نطفة وعلقة ، وتارة قد صُوِّر بعضه ، وتارة قد صُوِّر كلُّه ، قاله السدي . والخامس : أن المخلَّقة : التامة ، وغير المخلَّقة : السقط ، قاله الفراء ، وابن قتيبة . قوله تعالى : { لنبيِّنَ لكم } فيه أربعة أقوال . أحدها : خلقناكم لنبيِّن لكم ما تأتون وما تذَرون . والثاني : لنبيِّن لكم في القرآن بُدُوَّ خَلْقِكم ، وتنقُّلَ أحوالكم . والثالث : لنبيِّن لكم كمال حكمتنا وقدرتنا في تقليب أحوال خلقكم . والرابع : لنبيِّن لكم أن البعث حق . وقرأ أبو عمران الجوني ، وابن أبي عبلة : « ليبيِّن لكم » لكم بالياء . قوله تعالى : { ونقرُّ في الأرحام } وقرأ ابن مسعود ، وأبو رجاء : « ويُقَرُّ » بباء مرفوعة وفتح القاف ورفع الراء . وقرأ أبو الجوزاء ، وأبو إِسحاق السَّبيعي : « ويُقِرَّ » بياء مرفوعة وبكسر القاف ونصب الراء . والذي يُقَرُّ في الأرحام ، هو الذي لا يكون سقطاً ، { إِلى أجلٍ مسمى } وهو أجل الولادة { ثم نخرجكم طفلاً } قال أبو عبيدة : هو في موضع « أطفال » ، والعرب قد تضع لفظ الواحد في معنى الجميع ، قال الله تعالى : { والملائكةُ بعد ذلك ظهير } [ التحريم : 4 ] أي : ظهراء ، وأنشد : @ فَقُلْنا أسلِموا إِنَّا أَخوكم فقد بَرِئتْ من الإِحَنِ الصدورُ @@ وأنشد أيضاً : @ في حَلْقكم عظمٌ وقد شَجينا @@ وقال غيره : إِنما قال : « طفلاً » فوحَّد ، لأن الميم في قوله تعالى : { نخرجكم } قد دلَّت على الجميع ، فلم يحتج إِلى أن يقول : أطفالاً . قوله تعالى : { ثم لتبلغوا } فيه إِضمار ، تقديره : ثم نعمِّركم لتبلغوا أشدكم ، وقد سبق معنى « الأشُد » [ الأنعام : 153 ] ، { ومنكم من يُتَوفَّى } من قبل بلوغ الأشُدِّ { ومنكم من يُردُّ إِلى أرذل العُمُر } وقد شرحناه في [ النحل : 70 ] . ثم إِن الله تعالى دلَّهم على إِحيائه الموتى باحيائه الأرض ، فقال تعالى : { وترى الأرض هامدة } قال ابن قتيبة : أي : ميتة يابسة ، ومثله : همدت النار : إِذا طفئت فذهبت . قوله تعالى : { فإذا أنزلنا عليها الماء } يعني : المطر { اهتزَّت } أي : تحرَّكت للنبات ، وذلك أنها ترتفع عن النبات إِذا ظهر ، فهو معنى قوله تعالى : { وربت } أي : ارتفعت وزادت . وقال المبرِّد : أراد : اهتزَّ نباتها وربا ، فحذف المضاف . قال الفراء : وقرأ أبو جعفر المدني : « وربأَت » بهمزة مفتوحة بعد الباء . فإن كان ذهب إِلى الرَّبيئة الذي يحرس القوم ، أي : أنه يرتفع ، وإِلا ، فهو غلط . قوله تعالى : { وأنبتت من كل زوج بهيج } قال ابن قتيبة : من كل جنس حَسَنٍ يبهج ، أي : يسرُّ ، وهو فعيل في معنى فاعل . قوله تعالى : { ذلك } قال الزجاج : المعنى : الأمر ذلك كما وصف لكم ، والأجود أن يكون موضع « ذلك » رفعاً ، ويجوز أن يكون نصباً على معنى : فعل الله ذلك بأنه هو الحق . قوله تعالى : { وأن الساعة } أي : ولتعلموا أن الساعة { آتية } .