Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 52-55)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وما أَرْسَلْنا من قبلك من رسول } الآية . قال المفسرون : سبب نزولها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت عليه سورة ( النجم ) قرأها حتى بلغ قوله : { أفرأيتم اللات والعزى ، ومناة الثالثة الأخرى } [ النجم : 19 ، 20 ] ، فألقى الشيطان على لسانه : تلك الغرانيق العلى ، وإِن شفاعتهن لترتجى ؛ فلما سمعت قريش بذلك فرحوا ، فأتاه جبريل ، فقال : ماذا صنعتَ ؟ تلوتَ على الناس مالم آتِكَ به عن الله ، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً ، فنزلت هذه الآية تطييباً لقلبه ، وإِعلاماً له أن الأنبياء قد جرى لهم مثل هذا . قال العلماء المحققون : وهذا لا يصح ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوم عن مثل هذا ، ولو صح ، كان المعنى أن بعض شياطين الإِنس قال تلك الكلمات ، فإنهم كانوا إِذا تلا لغطوا ، كما قال الله عز وجل : { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغَوْا فيه } [ فصِّلت : 26 ] . قال : وفي معنى « تمنى » قولان . أحدهما : تلا ، قاله الأكثرون ، وأنشدوا : @ تمنَّى كتابَ اللهِ أوّل ليلهِ وآخرَه لاقى حِمامَ المقادِرِ @@ وقال آخر : @ تمنَّى كتابَ الله آخرَ ليلِه تمنِّيَ داودَ الزبورَ على رِسْلِ @@ والثاني : أنه من الأُمنية ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمنى يوماً أن لا يأتيه من الله شيء ينفر عنه به قومُه ، فألقى الشيطان على لسانه لِما كان قد تمناه ، قاله محمد بن كعب القرظي . قوله تعالى : { فيَنْسَخُ الله ما يُلقي الشيطان } أي : يُبطله ويُذهبه { ثم يُحْكِمُ الله آياته } قال مقاتل : يُحْكِمُها من الباطل . قوله تعالى : { ليجعل } اللام متعلقة بقوله : « ألقى الشيطان » ، والفتنة هاهنا بمعنى البلية والمحنة . والمرضُ : الشك والنفاق . { والقاسيةِ قلوبهم } يعني : الجافية عن الإِيمان . ثم أعلمه أنهم ظالمون وأنهم في شقاق دائم ، والشقاق : غاية العدواة . قوله تعالى : { ولِيَعْلَمَ الذين أوتوا العلم } وهو التوحيد والقرآن ، وهم المؤمنون . وقال السدي : التصديق بنسخ الله . قوله تعالى : { أنّه الحق } إِشارة إِلى نسخ ما يلقي الشيطان ؛ فالمعنى : ليعلموا أن نسخ ذلك وإِبطاله حق من الله { فيؤمنوا } بالنسخ { فتُخْبِتَ له قلوبهم } أي : تخضع وتَذِلّ . ثم بيَّن بباقي الآية أن هذا الإِيمان والإِخبات إِنما هو بلطف الله وهدايته . قوله تعالى : { في مِرْيَة منه } أي : في شكّ . وفي هاء « منه » أربعة أقوال . أحدها : أنها ترجع إِلى قوله : تلك الغرانيق العلى . والثاني : أنها ترجع إِلى سجوده في سورة ( النجم ) . والقولان عن سعيد بن جبير ، فيكون المعنى : إِنهم يقولون : ما بالُه ذكر آلهتنا ثم رجع عن ذكرها ؟ ! والثالث : أنها ترجع إِلى القرآن ، قاله ابن جريج . والرابع : أنها ترجع إِلى الدِّين ، حكاه الثعلبي . قوله تعالى : { حتى تأتيَهم الساعة } وفيها قولان . أحدهما : القيامة تأتي مَنْ تقوم عليه من المشركين ، قاله الحسن . والثاني : ساعة موتهم ، ذكره الواحدي . قوله تعالى : { أو يأتيَهم عذاب يوم عقيم } فيه قولان . أحدهما : أنه يوم بدر ، روي عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي . والثاني : أنه يوم القيامة ، قاله عكرمة ، والضحاك . وأصل العقم في الولادة ، يقال : امرأة عقيم لا تلد ، ورجل عقيم لا يولد له ، وأنشدوا : @ عُقْمِ النِّساءُ فلا يَلِدْنَ شَبْيَهه إِن النِّساءَ بمثْلِه عُقْمُ @@ وسميت الريح العقيم بهذا الاسم ، لأنها لا تأتي بالسحاب الممطر ، فقيل لهذا اليوم : عقيم ، لأنه لم يأت بخير . فعلى قول من قال : هو يوم بدر ، في تسميته بالعقيم ثلاثة أقوال . أحدها : أنه لم يكن فيه للكفار بركة ولا خير ، قاله الضحاك . والثاني : لأنهم لم يُنْظَروا فيه إِلى الليل ، بل قُتلوا قبل المساء ، قاله ابن جريج . والثالث : لأنه لا مثْل له في عِظَم أمره ، لقتال الملائكة فيه ، قاله يحيى بن سلام . وعلى قول من قال : هو يوم القيامة ، في تسميته بذلك قولان . أحدهما : لأنه لا ليلة له ، قاله عكرمة . والثاني : لأنه لا يأتي المشركين بخير ولا فرج ، ذكره بعض المفسرين .