Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 17-20)
Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ولقد خَلَقْنَا فوقكم سبع طرائق } يعني : السموات السبع ، قال الزجاج : كل واحدة طريقة . وقال ابن قتيبة : إِنما سميت « طرائق » بالتَّطارق ، لأن بعضها فوق بعض ، يقال : طارقتُ الشيء : إِذا جعلتَ بعضه فوق بعض . قوله تعالى : { وما كُنَّا عن الخَلْق غافلين } فيه ثلاثة أقوال . أحدها : ما غفلنا عنهم إِذ بنينا فوقهم سماءً أطلعنا فيها الشمس والقمر والكواكب . والثاني : ما كنا تاركين لهم بغير رزق ، فأنزلنا المطر . والثالث : لم نغفُل عن حفظهم من أن تسقط السماء عليهم فتهلكهم . قوله تعالى : { وأنزلنا من السماء ماءً بِقَدَرٍ } يعلمه الله ، وقال مقاتل : بقدر ما يكفيهم للمعيشة . قوله تعالى : { وشجرةً } هي معطوفة على قوله : { جناتٍ } . وقرأ أبو مجلز ، وابن يعمر ، وإِبراهيم النخعي : « وشجرةٌ » بالرفع . والمراد بهذه الشجرة : شجرة الزيتون . فإن قيل : لماذا خص هذه الشجرة من بين الشجر ؟ فالجواب من أربعة أوجه . أحدها : لكثرة انتفاعهم بها ، فذكَّرهم من نِعَمِه ما يعرفون ، وكذلك خص النخيل والأعناب في الآية الأولى ، لأنهما كانا جُلَّ ثمار الحجاز وما والاها ، وكانت النخيل لأهل المدينة ، والأعناب لأهل الطائف . والثاني : لأنهم لا يكادون يتعاهدونها بالسقي ، وهي تُخرج الثمرة التي يكون منها الدُّهن . والثالث : أنها تنبت بالماء الذي هو ضد النار ، وفي ثمرتها حياة للنار ومادة لها . والرابع : لأن أول زيتونة نبتت بذلك المكان فيما زعم مقاتل . قوله تعالى : { طور سَيْناء } قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو : « طور سِيناء » مكسورة السين . وقرأ عاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، مفتوحة السين ، وكلُّهم مدَّها . قال الفراء : العرب تقول : سَيناء ، بفتح السين في جميع اللغات ، إِلا بني كنانة ، فإنهم يكسرون السين . قال أبو علي : ولا تنصرف هذه الكلمة ، لأنها جُعلت اسماً لبقعة أو أرض ، وكذلك « سينين » ، ولو جُعلت اسماً للمكان أو للمنزل أو نحو ذلك من الأسماء المذكَّرة لصُرفت ، لأنك كنت قد سمَّيت مذكَّراً بمذكَّر . والطُّور : الجبل . وفي معنى « سَيْناء » خمسة أقوال . أحدها : أنه بمعنى الحسن ، رواه أبو صالح عن ابن عباس . وقال الضحاك : « الطور » : الجبل بالسريانية ، و « سَيْناء » : الحسن بالنبطية . وقال عطاء : يريد : الجبل الحسن . والثاني : أنه المبارك ، رواه العوفي عن ابن عباس . والثالث : أنه اسم حجارة بعينها ، أضيف الجبل إِليها لوجودها عنده ، قاله مجاهد . والرابع : أن طور سيناء : الجبل المشجَّر ، قاله ابن السائب . والخامس : أن سيناء : اسم المكان الذي به هذا الجبل ، قاله الزجاج ؛ قال الواحدي : وهو أصح الأقوال ؛ قال ابن زيد : وهذا هو الجبل الذي نودي منه موسى ، وهو بين مصر وأيلة . قوله تعالى : { تنبت بالدُّهن } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : « تُنْبِت » برفع التاء وكسر الباء . وقرأ نافع ، وعاصم ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي : بفتح التاء وضم الباء . قال الفراء : وهما لغتان : نبتت ، وأنبتت ، وكذلك قال الزجاج : يقال : نبت الشجر وأنبت في معنى واحد ، قال زهير : @ رأيتُ ذَوِي الحاجاتِ حَوْلَ بُيُوتِهم قَطِيناً لهم حتى إِذا أَنْبَتَ البَقْلُ @@ قال : ومعنى « تَنْبُتُ بالدُّهْن » : تنبت ومعها دهن ، كما تقول : جاءني زيد بالسيف ، أي : جاءني ومعه السيف . وقال أبو عبيدة : معنى الآية : تنبت الدهنَ ، والباء زائدة ، كقوله : { ومن يُرِد فيه بإلحادٍ بظلم } [ الحج : 25 ] وقد بيَّنَّا هذا المعنى هناك . قوله تعالى : { وصِبْغٍ } وقرأ ابن مسعود ، وابن يعمر ، وإِبراهيم النخعي ، والأعمش : « وصِبْغاً » بالنصب . وقرأ ابن السميفع : « وصِبَاغٍ » بألف مع الخفض . قال ابن قتيبة : الصِّبغ مِثْل الصِّباغ ، كما يقال : دِبْغ ودِبَاغ ، ولِبْس ولِبَاس . قال المفسرون : والمراد بالصِّبغ هاهنا : الزيت ، لأنه يلوِّن الخبزَ إِذا غُمس فيه ، والمراد أنه إِدام يُصبَغ به .