Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 62-67)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ولدينا كتاب } يعني : اللوح المحفوظ { يَنْطِقُ بالحقِّ } قد أُثبت فيه أعمال الخلق ، فهو ينطق بما يعملون { وهم لا يُظْلَمون } أي : لا يُنْقَصون من ثواب أعمالهم . ثم عاد إِلى الكفار ، فقال : { بل قلوبهم في غمرة من هذا } قال مقاتل : في غفلة عن الإِيمان بالقرآن . وقال ابن جرير : في عمىً عن هذا القرآن . قال الزجاج : يجوز أن يكون إِشارة إِلى ما وصف من أعمال البِرِّ في قوله : { أولئك يسارعون في الخيرات } ، فيكون المعنى : بل قلوب هؤلاء في عماية من هذا ؛ ويجوز أن يكون إِشارة إِلى الكتاب ، فيكون المعنى : بل قلوبهم في غمرة من الكتاب الذي ينطق بالحقّ وأعماُلهم مُحْصَاةٌ فيه . فخرج في المشار إِليه بـ { هذا } ثلاثة أقوال . أحدها : القرآن . والثاني : أعمال البِرِّ . والثالث : اللوح المحفوظ . قوله تعالى : { ولهم أعمالٌ مِنْ دون ذلك } فيه أربعة أقوال . أحدها : أعمال سيِّئة دون الشِّرك ، رواه عكرمة عن ابن عباس . والثاني : خطايا من دون ذلك الحق ، قاله مجاهد . وقال ابن جرير : من دون أعمال المؤمنين وأهل التقوى والخشية . والثالث : أعمالٌ غير الأعمال التي ذُكِروا بها سيعملونها ، قاله الزجاج . والرابع : أعمال - من قبل الحين الذي قدَّر الله تعالى أنه يعذِّبهم عند مجيئه - من المعاصي ، قاله أبو سليمان الدمشقي . قوله تعالى : { هم لها عاملون } إِخبار بما سيعملونه من أعمالهم الخبيثة التي كُتبت عليهم لا بدَّ لهم من عملها . قوله تعالى : { حتى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفيهم } أي : أغنياءهم ورؤساءهم ، والإِشارة إِلى قريش . وفي المراد « بالعذاب » قولان . أحدهما : ضرب السيوف يوم بدر ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك . والثاني : الجوع الذي عُذِّبوا به سبع سنين ، قاله ابن السائب . و { يَجأرون } بمعنى : يصيحون . { لا تَجأروا اليوم } أي : لا تستغيثوا من العذاب { إِنَّكم مِنَّا لا تُنْصَرون } أي : لا تُمْنَعون من عذابنا . { قد كانت آياتي تُتْلَى عليكم } يعني : القرآن { فكنتم على أعقابكم تَنْكِصُونَ } أي : ترجعون وتتأخَّرون عن الإِيمان بها . { مستكبِرين } منصوب على الحال . وقوله : { به } الكناية عن البيت الحرام ، وهي كناية عن غير مذكور ؛ والمعنى : إِنكم تستكبرون وتفتخرون بالبيت والحرم ، لأمنكم فيه مع خوف سائر الناس في مواطنهم . تقولون : نحن أهل الحرم فلا نخاف أحداً . ونحن أهل بيت الله وَوُلاتُه ، هذا مذهب ابن عباس وغيره . قال الزجاج : ويجوز أن تكون الهاء في « به » للكتاب ، فيكون المعنى : تُحدث لكم تلاوتُه عليكم استكباراً . قوله تعالى : { سامراً } قال أبو عبيدة : معناه : تَهْجُرون سُمَّاراً ، والسامر بمعنى السُّمَّار ، بمنزلة طفل في موضع أطفال ، وهو من سَمَر الليل . وقال ابن قتيبة : « سامراً » أي : متحدِّثين ليلاً ، والسَّمَر : حديث الليل . وقرأ أُبيّ بن كعب ، وأبو العالية ، وابن محيصن : « سُمَّراً » بضم السين وتشديد الميم وفتحها ، جمع سامر . وقرأ ابن مسعود ، وأبو رجاء ، وعاصم الجحدري : « سُمَّاراً » برفع السين تشديد الميم وألف بعدها . قوله تعالى : { تهجرون } قرأ ابن كثير ، وعاصم ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وحمزة ، والكسائي : « تَهجُرون » بفتح التاء وضم الجيم . وفي معناها أربعة أقوال . أحدها : تهجرون ذِكْرَ الله والحقَّ ، رواه العوفي عن ابن عباس . والثاني : تهجرون كتاب الله تعالى ونبيَّه صلى الله عليه وسلم ، قاله الحسن . والثالث : تهجرون البيت ، قاله أبو صالح . وقال سعيد بن جبير : كانت قريش تَسْمُر حول البيت ، وتفتخر به ولا تطوف به . والرابع : تقولون هُجْراً من القول ، وهو اللغو والهَذَيان ، قاله ابن قتيبة . قال الفراء : يقال : قد هَجَر الرجل في منامه : إِذا هذى ، والمعنى : إِنكم تقولون في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس فيه ومالا يَضُرُّه . وقرأ ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، وابن محيصن ، ونافع : « تُهْجِرُون » بضم التاء وكسر الجيم . قال ابن قتيبة : وهذا من الهُجْر ، وهو السَّبُّ والإِفحاش من المنطق ، يريد سبَّهم للنبي صلى الله عليه وسلم ومن اتَّبعه . وقرأ أبو العالية ، وعكرمة ، وعاصم الجحدري ، وأبو نهيك : « تُهَجِّرُون » بتشديد الجيم ورفع التاء ؛ قال ابن الأنباري : ومعناها معنى قراءة ابن عباس .