Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 1-3)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهي مدنية كلُّها باجماعهم روى أبو عبدالله الحاكم في " صحيحه " من حديث عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تُنْزِلُوهُنَّ الغُرَف ولا تُعَلمِّوهُنَّ الكتابة ، وعلِّمُوهنَّ المغْزَل وُسورة النُّور " ، يعني : النساء . قوله عز وجلَّ : { سُورة } قرأ الجمهور بالرفع . وقرأ أبو رزين العقبلي ، وابن أبي عبلة ، ومحبوب عن أبي عمرو : { سورةً } بالنصب . قال أبو عبيدة : من رفع ، فعلى الابتداء . وقال الزجاج : هذا قبيح ، لأنها نكرة ، و { أنزلْناها } صفة لها ، وإِنما الرفع على إِضمار : هذه سُورةٌ ، والنصب على وجهين ، أحدهما على معنى : أنزلنا سورةً ، وعلى معنى : أُتلُ سُورةً . قوله تعالى : { وفرضناها } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو بالتشديد ، وقرأ ابن مسعود ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، والحسن ، وعكرمة ، والضحاك ، والزهري ، ونافع ، وابن عامر ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي ، وأبو جعفر ، وابن يعمر ، والأعمش ، وابن أبي عبلة بالتخفيف . قال الزجاج : من قرأ بالتشديد ، فعلى وجهين . أحدهما : على معنى التكثير ، أي : إِننا فرضنا فيها فروضاً . والثاني : على معنى : بيَّنَّا وفصَّلنا ما فيها من الحلال والحرام ؛ ومن قرأ بالتخفيف ، فمعناه : ألزمناكم العمل بما فُرض فيها . وقال غيره : مَنْ شدَّد ، أراد : فصَّلنا فرائضها ، ومَنْ خفَّف ، فمعناه : فرضنا ما فيها . قوله تعالى : { الزانيةُ والزاني } القراءة المشهورة بالرفع . وقرأ أبو رزين العقيلي ، وأبو الجوزاء ، وابن أبي عبلة ، وعيسى بن عمر : { الزانيةَ } بالنصب . واختار الخليل وسيبويه الرفع اختيار الأكثرين . قال الزجاج : والرفع أقوى في العربية ، لأن معناه : من زنى فاجلدوه ، فتأويله الابتداء ، ويجوز النصب على معنى : اجلدوا الزانية . فأما الجَلْد ، فهو ضرب الجِلْد ؛ يقال : جَلَدَه : إِذا ضرب جِلْده ، كما يقال : بَطَنَه : إِذا ضَرَب بَطْنه . قال المفسرون : ومعنى الآية : الزانية والزاني إِذا كانا حُرّين بالغَين بِكْرَيْن ، { فاجلِدوا كُلَّ واحد منهما مائة جَلْدة } . فصل قال شيخنا علي بن عبيد الله : هذه الآية تقتضي وجوب الجَلْدِ على البِكْر والثَّيّب . وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق البِكْر زيادة على الجَلْد بتغريب عام ، وفي حق الثَّيِّب زيادة على الجلد بالرجم بالحجارة . فروى عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " البِكْر بالبِكْر جَلْدُ مائة وتغريب عامٍ ، والثَّيِّب بالثَّيِّب جلد مائة ورجم بالحجارة " وممن قال بوجوب النَّفي في حق البِكْر أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وابن عمر ، وممن بعدهم عطاء ، وطاووس ، وسفيان ، ومالك ، وابن أبي ليلى ، والشافعي ، وأحمد ، وإِسحاق ، وممن قال بالجمع بين الجلد والرجم في حق الثَّيِّب عليُّ بن أبي طالب ، والحسن البصري ، والحسن بن صالح ، وأحمد ، وإِسحاق . قال : وذهب قوم من العلماء إِلى أن المراد بالجَلْد المذكور في هذه الآية : البِكْر ، فأما الثَّيِّب ، فلا يجب عليه الجَلْد ، وإِنما يجب الرجم ، روي عن عمر ، وبه قال النخعي ، والزهري والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة ومالك ، وروي عن أحمد رواية مثل قول هؤلاء . قوله تعالى : { ولا تَأْخُذْكُمْ } وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ، وأبو رزين ، والضحاك ، وابن يعمر ، والأعمش : { يَأْخُذْكُمْ } بالياء ، { بهما رأفةُ } قرأ نافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي : { رَأْفَةٌ } باسكان الهمزة . وقرأ أبو المتوكل ، ومجاهد ، وأبو عمران الجوني ، وابن كثير : بفتح الهمزة وقصرها على وزن رَعَفَة . وقرأ سعيد بن جبير ، والضحاك ، وأبو رجاء العطاردي : { رآفَةٌ } مثل سآمة وكآبة . وفي معنى الكلام قولان . أحدهما : لا تأخذكم بهما رأفة ، فتخفِّفوا الضرب ، ولكن أوجعوهما ، قاله سعيد بن المسيب ، والحسن ، والزهري ، وقتادة . والثاني : لا تأخذكم بهما رأفة فتعطِّلوا الحدود ولا تقيموها ، قاله مجاهد ، والشعبي ، وابن زبد في آخرين . فصل واختلف العلماء في شدة الضرب في الحدود ، فقال الحسن البصري : ضرب الزنا أشد من القذف ، والقذف أشد من الشُّرب ، ويضرب الشارب أشد من ضرب التعزير ، وعلى هذا مذهب أصحابنا . وقال أبو حنيفة : التعزير أشد الضرب ، وضرب الزنى أشد من ضرب الشارب ، وضرب الشارب أشد من ضرب القذف . وقال مالك : الضرب في الحدود كلِّها سواءٌ غير مبرِّح . فصل فأما ما يُضرَب من الأعضاء ، فنقل الميموني عن أحمد في جَلْد الزاني ، قال : يجرَّد ، ويعطى كل عضو حقَّه ، ولا يضرب وجهه ولا رأسه . ونقل يعقوب ابن بختان : لا يُضرب الرأس ولا الوجه ولا المذاكير ، وهو قول أبي حنيفة . وقال مالك : لا يُضرب إِلا في الظَّهر . وقال الشافعي : يُتَّقى الفرج والوجه . قوله تعالى : { في دين الله } فيه قولان . أحدهما : في حُكمه ، قاله ابن عباس . والثاني : في طاعة الله ، ذكره الماوردي . قوله تعالى : { ولْيَشْهَدْ عذابَهُما طائفة من المؤمنين } قال الزجاج : القراءة باسكان اللام ، ويجوز كسرها . والمراد بعذابهما ضربهما . وفي المراد بالطائفة هاهنا خمسة أقوال . أحدها : الرجل فما فوقه ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد . وقال النخعي : الواحد طائفة . والثاني : الاثنان فصاعداً ، قاله سعيد بن جبير ، وعطاء ؛ وعن عكرمة كالقولين . قال الزجاج : والقول الأول على غير ما عند أهل اللغة ، لأن الطائفة في معنى جماعة ، وأقل الجماعة اثنان . والثالث : ثلاثة فصاعداً ، قاله الزهري . والرابع : أربعة ، قاله ابن زيد . والخامس : عشرة ، قاله الحسن البصري . قوله تعالى : { الزاني لا يَنْكِحُ إِلاّ زانيةً } قال عبد الله بن عمرو : كانت امرأة تسافح ، وتشترط للذي يتزوجها أن تكفيه النفقة فأراد رجل من المسلمين أن يتزوجها ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية . وقال عكرمة : نزلت في بغايا ، كُنَّ بمكة ، ومنهن تسع صواحب رايات ، وكانت بيوتهن تسمى في الجاهلية : المواخير ، ولا يدخل عليهن إِلا زانٍ من أهل القِبلة ، أو مشرك من أهل الأوثان ، فأراد ناس من المسلمين نكاحهن ، فنزلت هذه الآية . قال المفسرون : ومعنى الآية : الزاني من المسلمين لا يتزوج من أولئك البغايا إِلا زانية { أو مشركة } لأنهن كذلك كن { والزانية } منهن { لا ينكحها إِلا زانٍ أو مشرك } ، ومذهب أصحابنا أنه إِذا زنى بامرأة لم يجز له أن يتزوجها إِلا بعد التوبة منهما . قوله تعالى : { وحُرِّمَ ذلك } وقرأ أُبيّ بن كعب ، وأبو المتوكل ، وأبو الجوزاء : { وحَرَّمَ اللّهُ ذلك } بزيادة اسم الله عز وجل مع فتح حروف { حَرَّمَ } . وقرأ زيد بن علي { وحَرُمَ ذلك } بفتح الحاء وضم الراء مخففة . ثم فيه قولان . أحدهما : أنه نكاح الزواني ، قاله مقاتل . والثاني : الزنا : قاله الفراء .