Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 4-5)

Tafsir: Zād al-masīr fī ʿilm at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { والذين يرمون المُحْصَنات } شرائط الإِحصان في الزنا الموجب للرجم عندنا أربعة : البلوغ ، والحرية ، والعقل ، والوطء في نكاح صحيح . فأما الإِسلام فليس بشرط في الإِحصان ، خلافا لأبي حنيفة ، ومالك . وأما شرائط إِحصان القذف فأربع : الحرية ، والإِسلام ، والعِفَّة ، وأن يكون المقذوف ممن يجامِع مثله . ومعنى الآية : يرمون المحصنات بالزنا ، فاكتفى بذكره المتقدِّم عن إِعادته ، { ثم لم يأتوا } على على ما رمَوْهُنَّ به { بأربعة شهداء } عدول يشهدون أنهم رأوهنَّ يفعلْنَ ذلك ، { فاجلِدوهم } يعني القاذفين . فصل وقد أفادت هذه الآية أنَّ على القاذف إِذا لم يُقم البيِّنة الحدَّ وردَّ الشهادة وثبوتَ الفِسْق . واختلفوا هل يُحكَم بفسقه وردِّ شهادته بنفس القذف ، أم بالحدِّ ؟ فعلى قول أصحابنا : إِنه يُحكم بفسقه وردِّ شهادته إِذا لم يُقم البيِّنة ، وهو قول الشافعي . وقال أبو حنيفة ، ومالك : لا يُحكم بفسقه ، وتقبل شهادته مالم يُقَم الحدُّ عليه . فصل والتعريض بالقذف - كقوله لمن يخاصمه : ما أنت بزانٍ ، ولا أُمُّك زانية - يوجب الحدَّ في المشهور من مذهبنا . وقال أبو حنيفة : لا يوجب الحدَّ . وحدٌّ العبد في القذف نصف حدِّ الحُرِّ ، وهو أربعون ، قاله الجماعة ، إِلا الأوزاعي ، فانه قال : ثمانون . فأما قاذف المجنون ، فقال الجماعة : لا يُحَدُّ . وقال الليث : يُحَدُّ . فأما الصبيّ ، فان كان مثله يجامِع أو كانت صبيِّة مثلُها يجامَع ، فعلى القاذف الحدُّ . وقال مالك : يُحدُّ قاذف الصبيَّة التي يجامَع مثلُها ، ولا يُحَدُّ قاذف الصبيّ . وقال أبو حنيفه ، والشافعي : لا يُحَدُّ قاذفهما . فان قذف رجلٌ جماعةً بكلمة واحدة ، فعليه حدٌّ واحد ، وإِن أفرد كلَّ واحد بكلمة ، فعليه لكل واحد حدّ . وهو قول الشعبي ، وابن أبي ليلى ؛ وقال أبو حنيفة وأصحابه : عليه حدّ واحد ، سواء قذفهم بكلمة أو بكلمات . فصل وحدُّ القذف حقٌّ لآدمي ، يصح أن يبرىء منه ، ويعفو عنه ، وقال أبو حنيفة : هو حق لله . وعندنا [ أنه ] لا يستوفى إِلا بمطالبة المقذوف ، وهو قول الأكثرين . وقال ابن أبي ليلى : يحدُّه الإِمام وإِن لم يطالِب المقذوف . قوله تعالى : { إِلا الذين تابوا } أي : من القذف { وأصلحوا } قال ابن عباس : أظهروا التوبة ؛ وقال غيره : لم يعودوا إِلى قذف المُحْصنَات . وفي هذا الإِستثناء قولان . أحدهما : أنه نسخ حدِّ القذف وإِسقاط الشهادة معاً ، وهذا قول عكرمة ، والشعبي ، وطاووس ، ومجاهد ، والقاسم بن محمد ، والزهري ، والشافعي ، وأحمد . والثاني : أنه يعود إِلى الفسق فقط ، وأما الشهادة ، فلا تُقْبَل أبداً ، قاله الحسن ، وشريح ، وإِبراهيم ، وقتادة . فعلى هذا القول انقطع الكلام عند قوله : { أبداً } ؛ وعلى القول الأول وقع الاستثناء على جميع الكلام ، وهذا أصح ، لأن المتكلِّم بالفاحشة ، لا يكون أعظم جرماً من راكبها ، فإذا قُبلت شهادةُ المقذوف بعد ثبوته ، فالرامي أيسر جرماً ، وليس القاذف بأشدَّ جرماً من الكافر ، فإنه إِذا أسلم قُبلت شهادتُه .